كتب المحرر السياسي للمستقل
المراقب لانتخابات مجالس المحافظات ، والتي لا تفصلنا عنها سوى أيام قليلة، لابد ان يتوقف عند نقطتيناساسيتين ، الاولى هي ارساء ثقافة التغيير من الداخل وعبر صناديق الاقتراع ، ولعل ما حفز على ذلك هو صعود مجوعة من المستقلين في انتخابات المجلس النيابي لعام 2021، وان كانت هناك ملاحظات علىادائهم. السياسي ، وعدم قدرتهم على تغيير المعادلة ،إلا ان وجودهم في المجلس يعتبر نقطة ايجابية ، كسرتالاحتكار. السياسي للاحزاب التقليدية العتيدة.
فوجود مجموعة تختلف في توجهاتها مع الاحزاب التقليدية في المجلس النيابي، أمراً مهماً وهو خطوةبالاتجاه الصحيح ، ويمكن اعتبارها نقطة البداية على طريق التغيير .
والثانية هي كثرة الاحزاب الناشئة من الشباب ودخولها المعترك السياسي.
وجود احزاب شبابية متحمسة لعملية التغيير وتجديد الدماء في البلد، عملية ضرورية لديمومة الوطنواستمراره وتطوره ، وان كان تنقصهم الخبرة السياسية والتجارب العملية إلا ان ذلك سيأتي من خلالالممارسة .
بالاضافة الى ايمان هذه الاحزاب بالنضال من الداخل بدل العنف والصراع المدمر هو نقطة تحول ايجابيةكبيرة ، ويعني ذلك ان هذه الاحزاب الشبابية الناشئة ستراكم الايجابيات على ما انتهى منه الاخرون ، وكماهو معلوم ان العمل السياسي لاي بلد من بلد العالم هو تراكم تجارب سواء الناجحة منها او الفاشلة،فكلاهما يمكن الاستفادة منه .
قراءة اولية
يشهد العراق اليوم مرحلة جديدة من مراحل تطوره التاريخي في المجال السياسي، ففي هذه الانتخاباتيتنافس المرشحون على 275 مقعد في عموم المحافظات الـ 15 موزعة على اساس النسب السكانية . كما انعدد من يحق لهم الانتخاب حسب احصاء المفوضية بلغ 16 مليون ناخب.
اغلب المرشحين من الشباب ومن حملة الشهادات والكفاءات العلمية ، لكنهم يحتاجون الى الممارسة العمليةوفهم ادق العمل السياسي . ربما هناك من يجد ان الولوج في الانتخابات هو بناء لمجد شخصي وانالسياسة مهنة ، لكن هناك من يؤمن بان السياسة هي مهمة اجتماعية مقدسة ، وطريق للتغيير وتطويرالواقع عبر السلطة ، فالسلطة وسلة وليست غاية .
هؤلاء الشباب الطموحين ، لم ولن يكونوا وحدهم في الميدان الانتخابي ، وسيزاحمهم المرشحون. الاخرونمن الاحزاب. التقليدية. الكبيرة .
فان قراءة اولية “للمستقل“ وحسب استطلاعات الرأي التي اجريناه على شريحة من مختلف المحافظات وبلغ عددهم 1664 شخص بين ذكور واناث ومن اعمار مختلفة ، مع حساب قوة وتأثير كل طرف في الساحةالانتخابية من اطراف محايدة، تقول ان الاطار التنسيقي الشيعي وهو الطرف المؤثر الأكبر بجميع كتلهواحزابه سيحصد ما يقارب 90-100 مقعد من مجموع المقاعد الشيعية في المحافظات الوسطى والجنوبية وبما فيها العاصمة بغداد البالغة 175 مقعد ، وهذا العدد يعتبر عدداً قياسياً . بقي من مجموع المقاعد الـ175 فقط 75 مقعد وهذه المقاعد. سيحصل عليها المرشحون من الاحزاب الناشئة وهي نسبة مهمة وتطور كبير على عملية التغيير من الداخل .
ولنرجع الى ما تبقى من المقاعد الكلية وهي 100 مقعد في محافظات الانبار والموصل وصلاح الدينوديالى وبغداد وكركوك وهي ستكون من نصيب السنة والاكراد ، وذلك تبعاً للطبيعة الديموغرافية فيالتوزيع السكاني للمكونات العراقية .
ولكن هناك ملاحظة مهمة وهي ان المقاعد المائة المتبقية ، سيكون ايضاً للشباب من الاحزاب الناشئة نصيبمنها وربما سيكون هناك 30% للاحزاب الجديدة، واذا ما اضفنا هذه النسبة الى نسبة محافظات الوسطوالجنوب والتي تبلغ تقريباً 40% من نسبة المقاعد الـ 175 , سيكون المجموع ان ما نسبته 38% من المقاعدالجديدة ستستحوذ عليها الاحزاب الناشئة وهي اكثر من الثلث .
هذه الخارطة تدلنا على ان النضال من الداخل سينجح بشكلٍ كبير في عملية التغيير المتوخاة ، وان النهجالديمقراطي هو الطريق الاسلم لعلمية التغيير .
ان الايمان بالتغيير عبر الطرق الحضارية هو وسيلة سترغم الاحزاب التقليدية القديمة على الرضوخ للواقع، وسيُسلموا للمعادلة التي وضعوها هم كمقياس لهم ، وعلى قاعدة ” الزموهم بما ألزموا به أنفسهم ” ، النضال من الداخل طريق طويل لكنه مفيد وذو نتائج مبهرة .