محمد عبد الجبار الشبوط
احداث غزة الاخيرة، البطولية من جانب والمأساوية من جانب اخر، فرصة تاريخية لاستعادة النصابالصحيح للقضية الفلسطينية.
تاريخيا، بدأت القضية الفلسطينية منذ اللحظات الاولى لمحاولات هرتزل (١٨٦٠–١٩٠٤) مؤسسة الحركةالصهيونية اقناع السلطان العثماني الخليفة عبد الحميد الثاني السماح باقامة وطن قومي لليهود الامرالذي رفضه السلطان بدوره رفضا قاطعا. وسبب الرفض ان فلسطين ارض عربية اسلامية، وان وجود جاليةيهودية فيها لا يسوغ اقتطاع جزء من هذه الارض واعطاءها لليهود لاقامة دولتهم الخاصة عليها، كما فعلتالامم المتحدة في قرار التقسيم المشؤوم رقم 181 والذي أُصدر بتاريخ ٢٩ تشرين الثاني 1947. نعم سمحتالسلطات العربية الاسلامية منذ الدولة الاموية في الاندلس لليهود بالسكن في البلدان الاسلامية، بدونالحاجة الى اقامة وطن قومي خاص بهم في فلسطين. ونحن نعرف ان يهود الاندلس ذهبوا الى البلدانالاسلامية بعد ان طردتهم السلطات المسيحية من الاندلس بعد سقوط غرناطة في عام ١٤٩٢. لا تتعلق القضيةالفلسطينية بغزة او الضفة الغربية او جزء من القدس، انما تتعلق بكامل الارض الفلسطينية كما كان حالهاقبل سقوط الدولة العثمانية، وان وجود الكيان الصهيوني على اي جزء من الارض الفلسطينية هو وجود غيرشرعي لا يسوغ الاعتراف به. هذا هو النصاب الصحيح للقضية الفلسطينية، وحل هذه القضية لا يكونبتقسيم الارض، ولا باقامة دولتين، وانما باقامة دولة فلسطينية واحدة على كامل التراب الفلسطيني معالسماح بتواجد اليهود الاصليين فيها باعتبارهم مواطنين حالهم كحال المواطنين العرب المسلمينوالمسيحيين.
نحن نعلم انه بسبب ضعف الموقف العربي، تفكك هذا النصاب الصحيح للقضية الفلسطينية وقبلالفلسطينيون ومعهم بقية العرب بوجود الكيان الصهيونى التوسعي على جزء من الارض الفلسطينية، واصبحت فلسطين لا تعني سوى الضفة الغربية المزروعة بالمستوطنات اليهودية وقطاع غزة المحاصر. وهذاانحراف خطير عن النصاب الصحيح الذي دافع عنه السلطان عبد الحميد الثاني، بل ان التاريخ اثبت انالاعتراف بالامر الواقع لم يؤدي سوى الى زيادة الغطرسة والشراسة والوحشية الاسرائيلية وقضم المزيدالاراضي الفلسطينية بالتدريج.
اسفرت العملية الاخيرة عن الكثير من الضحايا، وحتى لا تذهب الدماء التي سالت على الارض الفلسطينيةسدى، فان على الفلسطينيين خاصة والعرب والمسلمين عامة ان يصححوا نصاب القضية الفلسطينيةويعيدوه الى سابق عهده، كما كان في عهد السلطان عبد الحميد الثاني. فالقضية الفلسطينية متعلقة بكلالارض الفلسطينية، من النهر الى البحر كما يقولون، ولا يمثل مشروع الدولتين حلا عادلا لها، فالحل الوحيدهو الدولة الفلسطينية الشاملة للتعددية الدينية الاسلامية والمسيحية واليهودية، دولة يعيش في ظلها اتباعالديانات الابراهيمية الثلاث، بسلام، بلا تقسيم، او حروب لا تنتهي.