عبدالمنعم الاعسم
يواجه الداعون الى عقلنة تفكيرنا وحياتنا، ونبذ الخرافات والرطانات والكسل، اتهامات جاهزة بتهديدالمصلحة العامة والخروج على التقاليد، وتحريض الشباب والجيل الفتي على التمرد، ولعل اغربالاعتراضات على وجوب العقلنة واستخدام التدبر هو القول بان العقل “غير مأمون الجانب!”.
اقول، اننا في طور الانتقال السريع والمتلاحق الى عصر التحولات العلمية والتكنولوجية المذهلة، والمهم اننفتح عقولنا ونحفزها على استيعاب هذه التحولات قبل ان تعبرنا، ونحن نائمون، والاهم، علينا ان نعاين مايجري من حولنا: فمن كان يصدق ان مقياس الترانزستر سيصل الى 50 نانومتر، أي ما يقل بالفي مرة عنسُمك شعرة واحدة من راس الانسان؟ آنذاك، قبل ثمانين سنة، بُني أول حاسوب إلكتروني في العالم بلغ وزنه27 طناً وضم في جوفه عشرات الآلاف من الصمامات وعدة كيلومترات من أسلاك النحاس وبلغت تكاليفهعدة ملايين من الدولارات، وكان للمليون الواحد شأن، وقبل ستة عقود من الزمن لم يكن احد ليصدق بان تلكالشريحة السحرية ستقود العالم الى اعادة تنظيم فانتازية بحيث ستدار العديد من الدول من قبل “حكوماتالكترونية” فالموظفون والمراجعون لن ينتقلوا من منازلهم، أما حامل جائزة نوبل العالم المصري احمد زويلفقد حذرنا من ان العالم مقبل على طفرة علمية يحال معها الانترنيت على التقاعد، وان مقاييس التطورالعلمي والتكنولوجي القديمة ستنكسر، والمشكلة، كما كان يقول العالم الفرنسي اندريه ماري امبير قبلمايزيد على قرن ونصف من الزمان ان ثمة بشر لا يعرفون هذه الانباء ذات الصلة بحياتهم، وقد طوربرناردشو فكرة امبير بالقول بان بعض البشر لا يريدون ان يعرفوا.
والبعض(اعني بعضنا) أدمن النوم على ما يُحمد عقباه، خشية ان يستيقظ على ما لا يُحمد عقباه.