العبادي وقمع المطالبة بالإصلاح / حسين فوزي

العبادي وقمع المطالبة بالإصلاح / حسين فوزي

حسين فوزي
جاءت ولاية د. حيدر العبادي لترأس مجلس الوزراء في ظل انتفاضة 2014، والعراق يواجه ثلاثة تحديات رئيسة:
1. هجمة داعش الظلامية الإرهابية التي استولت على أكثر من خمس مساحة الوطن، ضمنها 3 محافظات رئيسة: نينوى الكبرى وصلاح الدين والأنبار، وكانت تهدد أطراف بغداد في الفلوجة.
1. تدني كبير لعوائد النفط بكل ما يعنيه من انخفاض في الموارد والقدرة الشرائية للحفاظ على الحد الأدنى من المستوى المعيشي للمواطنين ذوي الدخل المحدود والشرائح الأدنى معرضة للجوع.
2. السخط الشعبي المتفجر في انتفاضة شعبية تريد إنهاء تحكم قوى سياسية، وفساد شرائح رئيسة منها.
واستطاع العبادي، وحكومته، بما عرف عنه من قدرة على الحسم من قيادة الدولة نحو “النصر” على داعش، بدعم دولي، في ظل نجاحه بحشد كل الأطراف في المعركة، مستفيداً من ثقل المرجعية في مساندة جهوده.
وكانت هناك حزمة من الإصلاحات: ربط تقاعد الدرجات الخاصة بقانون الخدمة وعدم منح رواتب تقاعدية لمن لا خدمة له من الوزراء وغيرهم، تنظيم تأجير عقارات الدولة، التحقيق في الفضائيين وبقية مظاهر الفساد الأكثر شيوعاً، تحديد رواتب الدرجات الخاصة العليا وترشيق مجلس الوزراء وعدد المستشارين في الدولة، الحرص على عدم الاستفراد بتطبيق المادة 140 من طرف واحد فيما يخص كركوك وبقية المناطق المحاذية للإقليم…. الخ.
العبادي 14-2018 بحق قائد النصر واسترجاع ثوابت التصرف بالمال العام، برغم كل المعوقات التي حالت دون تطبيق برنامجه الإصلاحي كاملاً، لأسباب رئيسة في مقدمتها مقاومة نواب الجهات المستفيدة وعدم بلورته لصيغة تعاون مع الأطراف المستفيدة من الاصلاح والتغيير.
وعملياً فأن العبادي كان بما أقدم عليه من إصلاحات قد حمى النظام القائم من الانهيار، ضمنه اركان المحاصصة والمستفيدين من ضعف الدولة، وهو في الوقت نفسه كان محتوياً للغضب الشعبي وسائراً في تنفيذ مطالب التغيير بحدود معينة، وكأنه ماسكاً العصا من النصف، وهذا ما مكن خصومه من عرقلة جهوده.
والتجربة الكبيرة التي يمتلكها، سواء نتيجة إدارة الدولة فترة ولايته، أو عمله في البرلمان وبعض المناصب الوزارية، تشكل خبرة كبيرة تستحق أن تكون طرفاً رئيساً مشاركاً في إدارة الدولة لإخراجها من براثن الفساد والمحاصصة وعدم الكفاءة.
إن ما يطرحه العبادي من تشخيص لعيوب إدارة الدولة والقوى المهيمنة رؤية وطنية مسؤولة لإنقاذ الوطن والسعي لتحقيق بعض من الحياة اللائقة التي يتطلع المواطن لها وهو في حالة أقرب إلى الياس، بفعل النهب المستمر للموارد، التي من معالمها البسيطة مضاربة الدولار، ويتصدرها التنفيذ الورقي للمشاريع أو بأحط المواصفات، التي باتت الحرائق وانهيار المباني من معالمه، في ظل محاولة المسلحين ابتلاع الدولة.
إن الذين يتصدون للعبادي مطالبيه بالاعتزال، ضمنهم الزميل حليم سلمان، يتجاهلون حقيقة البركان الذي لم يعد ساكناً، والاحتمالات الخطيرة التي تهدد السلم الاهلي بفعل التدني الرهيب لمعيشة المواطنين وانعدام فرص العمل للخريجين وغير الماهرين، فيما تستمر سياسة شراء أصوات الناخبين بوظائف غير منتجة، على حساب توظيف الموارد لتنمية مستدامة تضمن حلولاً حقيقية لأزمتنا.
ينبغي ان يظل العبادي صوتاً للإصلاح مع تعميق تشخيصه للأسبقيات والحزم في التعامل معها، سواء ابقي ضمن حزب الدعوة أو خارجه، فهذه قضية تتعلق بحقوق الإنسان في حرية المعتقد والرأي. وكل من يتصدى له يمارس قمعاً لحرية الرأي والتعبير ومعادياً للإصلاح والتغيير.
ولطالما اتفقت مع تشخيص د. إبراهيم بحر العلوم في وصفه للعبادي بأنه ” انجز خطوات مهمة في وضع أسس لإدارة الدولة بعيداً عن جعلها مغنماً للمتنفذين…”

(Visited 65 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *