مفهوم الدولة بين الحداثة والإسلام – محمد صالح البدراني

مفهوم الدولة بين الحداثة والإسلام – محمد صالح البدراني

 

المدنية هي جهد بشري ممكن أن يرتدي ثقافة وقيم أي من الأمم

 

كتاب أسيئ فهمه

كتاب أسئ فهمه من عنوانه وهو كتاب (الدولة المستحيلة) وفي العنوان الفرعي (الإسلاموالسياسة ومازق الحداثة الأخلاقي) للبروفسور وأميل إلى تسميته بعالم التاريخ (وائلحلاق)، فهو شرح شرحا أكاديميا لحالة الدولة الحديثة والنظام في العصور الإسلاميةالمتعددة، ولكن من باب التاريخ وليس طبيعة الفكر الإسلامي ذاته رغم دقة وصف المنهج،خلاصات مهمة ومنطلق لمقالات وكتب، فالدولة بمفهومها المعاصر تختلف فعلا عن نظامدولة أقامه المسلمون بمتعدد النظم التي مرت بها منطقة كانت بسلطة من تولوا امر ناسها،فمن الخلافة والشورى في الانتخاب بطرق متعددة فلا يوجد نمط تسير عليه الأمورلضعف الاتصالات وشحة الآليات إلى الملوك باسم الخلافة، إلى السلاطين بوجود الملوكإلى السلاطين بالتغلب، لكن هنالك منظومة مرافقة للمنظومة السياسية وهي منظومةالأخلاق والشريعة بشكل عام، التعليم، القضاء المستقل من لحظة تعيين القاضي من أي منالذين مضى ذكرهم، إلى عزل القاضي أو إبداله لكن ما بين الزمنين لا تأثير قطعا علىالقاضي وحكمه بل لم يجرؤ احد على ذلك لأنه انتقاص من شرعية الحاكم وإهانة للشريعة،نعم يستطيع إبدال القاضي لكن لا ولاء من القاضي الآخر إلا للشريعة بل سيصعب عليهإيجاد من يتولى القضاء وهذا يجعل منه شخصا غير شرعيا أمام الجمهور.

دولة إله ودولة أمة

فالنظام الذي قاده مسلمون لم يؤسس لدولة هي الاله بل دولة تحتاج صاغرة لموافقة(الأمة) كي تكون شرعية، فمهما طغى الحاكم سيجد أن انتقاص شرعيته سيجعله هدفالمتغلب آخر، وهذا مهم لحاكمية المنظومة الأخلاقية من ناحية ولكن لتآكل المنظومة ككلنتيجة التشوهات لأنها لا تكامل تطبيق المنظومة عند المتغلبين وسيادة التقليدية جعلتتدني في الفهم ليكون انطباعا ويفقد بذلك جذور وجوده في النفوس.

الدولة الحديثة هي دولة اله تدخل في التفاصيل الحياتية للناس وتطلب طاعتها وبرضىتام، ولا ترتكز على منظومة أخلاقية نابعة من جذر عقدي، وإنما من ضروريات اقتضتهاالحياة المدنية كالمعاملات التجارية أو الجودة الصناعية، واهتمام الدولة بالعاطلين أوالضعفاء لحد ما ، لكن بقت عوامل حاكمة كالتامين على الصحة والحياة في إدارة خاصةلحركة المال، فلو قلنا أيوجد بديل عن التكافل في مجتمع مسلمين فالجواب نعم وهو ماتقوم به الدولة وتعوضه من الضرائب، فالمواطن يدفع أموال التكافل لكن لا يحس بهاكعلاقات إنسانية وإنما هي خضوع للدولة وإرادتها وليس لقيمة أخلاقية.

الدولة في الحداثة دولة تحتكر السلطة والقتل إن أرادت وتجريم من تريد والشرعية لما تريد،فعندما أرادت الولايات المتحدة تحريم الخمور لأسباب غالبا اقتصادية، قتلت ولاحقتودمرت، من يهرب الخمر أو يصنعه، ودونما ارتكاز لقيمة أخلاقية وإنما هو امر دولة لكنهبعد يوم واحد أصبح مقبولا وشرعيا، وزواج المثليين الذي اقر 2007 وكان محرما قبل هذا،فالمسالة أن تدخل الشاذ من الفعل في القانون يصبح شرعيا بل تطالب به الحداثة أقواماآخرين لتطبقه وقد كان ممنوعا عندها قبل هذا، فسيادة القانون يعني سيادة الدولة وليسقيمة أخلاقية أو نحو هذا، وهذا حتما سيخلق بونا شاسعا بين القيم والتطورات الغريبة،وتأثير الشاذ الذي اصبح مقبولا على المجتمع الذي يجب أن يتعامل ويحترم ما يراه غيرصحيح لأنه سيحاسب قانونا إن ابدى امتعاضه على ما أقرته الدولة.

أزمة مجهولة

هنالك إذًا أزمة كما وصف كتاب الدولة المستحيلة وهنالك نخر في النظام والمجتمع وهنالكتدني للقيمة الإنسانية متلبسة برقي القيمة الإنسانية وفق تعريف الدولة الاله أمام ضغطعالم الأشياء وتباعد عالم الأفكار القيمي عن إثبات حاكميته، وهذا ينسجم مع حالة رفضالموثوقية التي انطلق منها ما يسمى عصر التنوير كرد فعل على قيم أخلاقية تطبقبانتقائية أو تعتبر مقدسة لان من نطقها كاهن وبسلطة ميتافيزيقية حلت الدولة محلهاتماما ولم يتغير وضع الإنسان إلا للأسوأ كقيمة حقيقية في الشعور بالحياة والعلاقاتالإنسانية فكلها خاضعة لقانون العقوبات.

هذا حدث في المجتمعات التي استضافت الحداثة دون فهمها، فازدواج السلوك وضعفالقيم وغياب تأثير الشريعة وانحسارها على مستوى شخصي بلا توعية أو تربية أوصلالأمم إلى انحدار حضاري فكري ناهيك أن الحداثة لم تعدهم بالتقدم المدني بل أتت تريدهمسوقا ولتحقق ما تراه مناسبا لها في تلك المجتمعات.

هل يمكن أن يكون تفاهما بين الحداثة ومجتمعاتنا، نعم هذا ممكن ولكن كيف يحتاج شرحاملخصه لا يوضحه؛ أن المدنية هي جهد بشري ممكن أن يرتدي ثقافة وقيم أي من الأمم.

(Visited 15 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *