التخطيط الأقليمي طريق التنمية المستدامة للدول النامية

التخطيط الأقليمي طريق التنمية المستدامة للدول النامية

يتفق جميع المؤلفين والكتاب وفي جميع
التخصصات العملية الصرفة والأنسانية بأن علم
التخطيط الحضري والأقليمي الذي اهتمت به الدول
والحكومات حديثا واتخذته منهجا تطبيقيا سياسيا
واقتصاديا واجتماعيا وعمرانيا في أقاليم تتوزع
عليها المدن والأرياف تضع دوائرها المختصة
خططها التنموية معتمدة على موارد الأقاليم ذاتها.
وقامت هذه الدول بسن الدساتير التي تضمنت
فكرة الأقاليم ووضعت القوانين والتشريعات
والأنضمة التي تستطيع من خلالها الوصول الى
هدفها لتحقيق التنمية المستدامة لشعبها وعلى
أراضيها وصولا للأكتفاء الذاتي في كل الأقاليم
وينتقل الفائض من اقليم الى اقليم أخر محتاج
محققين بذلك العملية العلمية التخطيطة التي تقوم
على التزاوج بين التخطيط المركزي واللامركزي
ضمانا لسعادة المواطن في حاضره ومستقبل
اجياله.
ومن الأمثلة الحية على نجاح تطبيق سياسات
التنمية الأقليمية بأتخاذ مفاهيم التخطيط الأقليمي
طريقا ومنهجا بأدارة الدول، الولايات المتحدة
الأمريكية، فرنسا، سويسرا، تركيا، الأمارات العربية
المتحدة، اليابان، السويد، كندا، وغيرها من الدول
التي أصبحت تزداد على خارطة العالم.
ان هذه التجارب الناجحة في العالم تدفعنا نحن
في دول العالم الثالث الذي لانزال بعيدين عن
ركب التطور والتقدم الذي وصلت اليه هذه البلدان
يتطلب منا سرعة اتخاذ الخطوات اللازمة لوضع
خططنا التي تتناسب مع مساحات دولنا وواقعنا
الجغرافي والأجتماعي والتوزيع السكاني لأستثمار
مواردنا المادية والبشرية وهي كثيرة بحمدالله
ولا تحتاج منا الا البدء بتطبيق خططنا التنموية
الحضرية والأقليمية للنشاطات الزراعية والصناعية
والعمرانية وتخطيط النقل والمواصات والأسكان
وخدمات الصحة والتربية والتعليم والسياحة وكل
حاجات المجتمع الضرورية.
اذن التخطيط الحضري والأقليمي هو المطلوب
تطبيقه عمليا ووفق مرتكزاته العلمية للبدء بعمليات
التنمية المستدامة لتحقيق الرفاهية للشعوب في ضوء
المعايير العالمية المنسجمة مع واقعنا الأجتماعي.
عصر التنافس الأقليمي
لونضرنا الى خارطة العالم وتصفحنا قاراتها ودولها
لوجدنا بأن الفشل الأقتصادي وتعثر مشاريع
وخطط التنمية التي تواجهها الدول بدون استثناء
كبيرة المساحة كانت او صغيرة كثيرة السكان او
سكانها قليلون كثيرة الموارد او مواردها شحيحه
رأسمالية الفكر السياسي او سياساتها اشتراكية
شرقية الموقع او غربية شمالية او جنوبية اسامية
الدين مسيحية او يهودية جبلية ام سهلية عمرها
طويل ام قصيرة العمر تحيط بها المياه او قارية
لوجدنا ان هناك قاسما مشتركا بين هذه الدول
في الوقت الحاضر ونحن نعيش عصر جائحة
كورونا معاناة أقتصادية ولا تكاد تكون هناك دولة
على سطح الأرض استطاعت ان تنجح في تحقيق
نضامها الأقتصادي بما يحقق الرفاهية والرعاية
الأجتماعية الكاملة التي كفلتها الدساتير لمواطنيها
من حيث الأكتفاء الذاتي حتى وان كانت متقدمة
علميا وتكنولوجيا لأن هناك حقيقة ثابتة بأن الخالق
جل وعلى وزع الثروات على سطح وباطن الأرض بما
يحقق عدالة في التوزيع و بذل الجهد البشري من
اجل استثمار هذه الموارد ولكن انه سوء التخطيط
هو الذي جلب هذه الويات للشعوب التي بدأت
تعاني من الفقر ووصل الحال للبعض من سكانها
للموت جوعا واننا نرى بأنه حتى داخل البلد
الواحد تتباين الثروات في توزيعها ومواقعها من
محافضة الى اخرى مما دفع الكثير من الحكومات
لأيجاد الأساسيات ووضع الخطط العلمية من أجل
استمرار هذه الموارد واستثمارها من مكان الى
اخر بأستخدام كل الوسائل التكنلوجية المتاحة لأجل
تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق مستوى معاشي
مقبول لمواطنيها اعتمادا على توزيع الموارد
المادية على مجموع السكان على مساحة الدولة.
من هنا جائت فكرة التخطيط الأقليمي وهو بشكل
بسيط )حصر امكانيات مساحة كل مدينة أو اقليم
من مدن الدولة ومعرفة مواردها المادية من اجل
الأستفادة من الفائض لمساحة ما لنقله الى مساحة
اخرى تحتاجه لتحقيق العدالة الأجتماعية والأستفادة
من الفائض لتصديره للخارج سواءً للحصول على
الثمن نقدا او مبادلته بسلعة اخرى لا تتوفر في
هذه الدولة كما تفعل الأن دول المنطقة العربية
التي وهبها الله الثروات النفطية والغاز حيث تقوم
بتصديره الى الخارج وأستيراد السلع التي لاتستطيع
تصنيعها الى شعوبها (.
التخطيط الأقليمي تجارب ناجحة
ان هذه العملية التي تم طرحها والتي يطلق عليها
التخطيط الأقليمي هي خلاصة تجارب ناجحة لدول
عديدة قديما وحديثا أستطاعت ان تثبت نجاحها
علميا وعمليا ، واصبحت حاجة ضرورية فرضتها
الضروف السياسية والأقتصادية نحن بأمس
الحاجة لها في الوقت الحاضرفهي تزيد من وحدة
وتماسك الدول ولا تؤدي للتفكك او المشاكل
والصراعات الداخلية للبلدان وهي امامنا كثيرة
حيث يشكو البعض من سكانها من عدم توزيع
الثروات بشكل عادل مما يؤدي في بعض الأحيان
الى المطالبة بألأنفصال واحيانا نرى ان بعض
المحافضات او الأقاليم ذات الثروات المتعددة بأنها
تشكو المضلومية وتدعو للتفرد بالثروة والأمثلة
كثيرة فرأيناها في اسبانيا وبريطانيا والعراق ، أذن
ما هو الحل أننا نرى ان الكثير من الدول أعتمدت
سياسات التخطيط الأقليمي كمنهج في توزيع
الثروات ونجحت نجاحا باهرا كفرنسا مثا وهي
تشغل القوة الرابعه عالميا اقتصاديا واصبحت رائده
نضريا وعمليا في التخطيط الأقليمي وكانت السباقة
في تطبيقه داخل فرنسا وفي جزرها التي تسيطر
عليها سياسيا خارج فرنسا كما هناك دول متقدمة
اقتصاديا نجحت هي الاخرى في تطبيق المنهج
الأقليمي ومتوزعه على كافة القارات كالولايات
المتحدة الأمريكية واليابان وكوريا الجنوبية وتركيا
وهناك دول ضهرت حديثا على الساحة كسنغافورة
ودولة الأمارات العربية المتحدة ولعل مافعلته دولة
راوندا في افريقيا خال مدة قصيرة في تنمية
مواردها المادية والبشرية لعله في نضري واحدة
من المعجزات في القرن الواحد والعشرين.
التي مرت. أننا بعد هذه التجارب الناجحه للدول
والتجارب لدول اخرى انتجت سياسات اقتصادية
مرتبكه وقلقه ومستقبلها الأقتصادي مجهول رغم
انها تمتلك ثروات مادية وبشرية كبيرة علينا
التوجه لتطبيق سياسة التخطيط الأقليمي لأنه في
نضري قوة لوحدة الدولة وتماسك لشعبها وليس
ضعفا لها كما يحاول العديد من السياسيين في
بعض البلدان التي لا تزال تراوح بسياسات غير
مستقرة نسبيا في بلدان العالم الثالث بشكل عام
والشرق الأوسط بصورة خاصة لأننا نلاحظ بأن
الأزمات السياسية والأقتصادية والأجتماعية في
تزايد الى جانب حالة من التخلف والتراجع والتشرذم
وهجرة القوى الشابة وذوي الخبرة من هذه الدول
لتسد النقص للحاجة لليد العاملة التي تسود الدول
المتقدمة في اوروبا وامريكا الشمالية التي تعاني
من نقص بالقوى العاملة الشابة بسبب ما عاشته
سابقا من الحروب العالمية.
خلاصة القول ان هذا يدعونا الى التوقف والأمعان
وبنضر ثاقب لما ألت اليه الأوضاع في بلداننا وهي
غنية بمواردها البشرية والمادية ولكنها تعاني من
الفقر المدقع والنتاحر والحروب والمشاكل بين ابناء
المجتمع في البلد الواحد وهي دون شك نتيجة
لأسباب داخلية وخارجية لكننا للأسف لم نقوم
بدراستها بشكل صحيح وبصورة علمية لنضع
خططنا لمعالجتها لأجل هذا اطرح امام الجميع
سياسيين واكاديميين واعلاميين اسلوب التخطيط
الأقليمي كمفتاح للكثير من الحلول ليكون منهجنا
الأقتصادي كخطوة أولى لنجاح مستقبلي مضمون
شعاره التنافس المشروع لتحقيق الرفاه والتنمية
والوحدة الوطنية واني على ثقة اذا توفرت النية
السليمة فأننا سنصل بالمنطقة وشعوبها الى طريق
السام والتنمية.
دكتور مالك ابراهيم الدليمي
استاذ التخطيط الحضري والأقليمي
جامعتي بغداد وصنعاء سابقا

(Visited 2 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *