ارتفاع سعر صرف الدولار في العراق : الاسباب والمعالجات / د. احمد الميالي

ارتفاع سعر صرف الدولار في العراق : الاسباب والمعالجات / د. احمد الميالي

د. احمد الميالي
عند بحث اسباب ارتفاع سعر صرف الدولار الامريكي ازاء الدينار العراقي لايمكن لاحد ان لايتصور اسباب ذلك
خارج الصراع الامريكي الايراني في العراق وطريقة عمل السياسة المالية والنقدية للبنك المركزي في نافذة بيع العملة والمصارف وشركات الصيرفة والمضاربة الحاصلة ازاء ذلك اضافة قضايا تتعلق بالتجارة والاستيراد والتصدير. لكن يلعب الصراع بين واشنطن وطهران دورا مباشرا في الازمة الراهنة التي يواجهها العراق، واشنطن تدرك جيدا ان الحوالات النقدية من الدولار التي تصله جوا من البنك الفيدرالي اكبر بكثير من الحاجة الفعلية وهي تراقب كيف تصل جزء من عملتها الى ايران المعاقبة من قبلها، عن طريق التبادل التجاري المباشر وتكون مقاصة واستحقاقات مدفوعات ذلك اضافة الى الغاز الذي يذهب الى قطاع الكهرباء من خلال النافذة او المصارف والشخصيات السياسية التي تهربه بكل الطرق الى ايران، ولذلك بعد التحول الى التبادل الالكتروني للدولار مع البنك المركزي العراقي وعدم تغطية كل طلبات النقد عراقيا من استحقاقات بيع النفط وحساب العراق المودع في البنك الفيدرالي، واهمال الفواتير الوهمية والمزيفة التي تقدم لبغداد في هذا الشأن، وايران بالمقابل لديها ادواتها في الضغط للحصول على ماتريد من عملة الدولار من العراق وبالتالي سيستمر العجر في السوق المحلية وهذه مشكلة كبيرة، لها اثارها وتداعيات يضاف لها حجم الضغط على العملة كونها لاتذهب فقط لايران انما لتركيا وسوريا ولبنان والامارات ومنافذ اخرى من اطراف سياسية مختلفة.
في ضوء ذلك لابد على الحكومة الحالية البحث عن حل من خلال التفاوض بشكل مباشر حول كيفية النأي بالنفس عن تداعيات هذا الصراع والتخلص من الخضوع لادوات ووسائل الطرفين في ليّ ذراع الامر، لكن لامؤشرات قوية تمتلكها الحكومة للنجاح في هذه المهمة، خاصة مع عدم رغبة الطرفين للتنازل لانه يعني تراجع نفوذ احدهما في العراق لحساب الاخر ولهذا السياق تداعياته المقلقة في مزان القوى والردع المتبادل بين الطرفين وحلفاءهما.
مع ذلك هنالك خيارات مخففة للازمة تتمثل : بتجميد نافذة بيع العملة والرجوع الى السياسة النقدية التقليدية التي تعتمد على فتح الاعتمادات المستندية للمستوردين لغرض تثبيت سعر الصرف لكي يذهب رأس المال لتغذية الصناعة والزراعة والتجارة والسياحة، علما ان الغطاء المالي كاحتياطي يغطي كل الاعتمادات المستندية وبضمانة ايضاً السندات المودعة في البنك الفيدرالي الامريكي وطرح تسهيلات لتجاوز الروتين مثل تجميد اجازة الاستيراد الذي ابعد المستوردين من فتح الحساب الجاري و اكثرهم يجهلون ذلك وهذا من مهمة الغرف التجارية في معالجة هذا الابتعاد، هذا السياق التقليدي في ضبط ميزان المدفوعات بين الاستيراد واستحقاق بيع العملة الاجنبية للمستورد معمول به في كثير من البلدان المستقرة اقتصاديا.
ايضا كخيار مؤقت لتدارك الازمة لابد من المباشرة بتوزيع جزء من رواتب الموظفين والمتقاعدين بالدولار وبالسعر الرسمي للدولار الواحد وهذا السعر سيخدم الاكثرية من الطبقة المتوسطة والفقيرة.
كما على الحكومة ان تعمل على دعم وزارة التجارة باستيراد المواد الغذائية والمواد الاستهلاكية الضرورية لحاجة المواطن وجعلها الوزارة تاجر جملة دون احتكار او تمييز كمركي او ضريبي لاختبار لجانها بالعقود باقل الاسعار منافسا واقعيا للمستورد في القطاع الخاص.
ان وزارة التجارة اذا دعمت ورفدت بادارة وطنية كفوءة وامينة وذات خبرة تفاوضية عاليهةستكون قادرة على تمويل الموازنة التشغيلية كاملة من الارباح المتحققة في التنافس السوقي لان امكانياتها الكبيرة قادرة على توفير السلع بارخص الاثمان.
كما يجب الابتعاد عن تعويم الدولار لانه الفخ الذي يجذب رؤوس الاموال لتحقيق الربح او الفائدة السريعة على حساب نهوض الصناعة والزراعة وتنشيط التجارة والسياحه ، هذا الفخ الذي تسعى اليه الكثير من دول الجوار لجعل العراق سوقا استهلاكيا رائجا لمنتجاتها ، فيجب ان تعمل الحكومة على معالجة ومواجهة هذا الفخ والا الازمة ستنفجر كلما يراد السيطرة عليها مرة اخرى.
اخيرا على رئيس مجلس الوزراء ان يكون جريئاً ويقف مع مصالح شعبه في هذه المحنة فعليه ضبط الحدود حتى وان اضطر الى غلقها لفترة وجيزة عدا استيراد المواد الغذائية والسيطرة على المنافذ المنفلتة لتهريب كل شيء يضر بالشعب العراقي وعليه ضرب الفاسدين والمتلاعبين بالاسعار والاسواق، والمتهمين بالتهريب وغسيل الاموال.
فاستمرار البيع عبر مايعرف بنافذة العملة وبسعرين سعر رسمي وسعر احتكاري بفارق كبير عن كل دولار يباع سيذهب الفرق حتما الى جيوب الفاسدين والمهربين ودكاكين المصارف بفرق السعرين وسيتحمل المواطن المستهلك هذا الفرق على السعر الحقيقي وبالتالي ستؤول الاوضاع الى متاهات لاتحمد عقباها.

(Visited 28 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *