د.رقيق عبد الله
كاتب جزائري
إن جهل الثقافة بمحيطها الاجتماعي عبر عدم استيعاب متطلبات البيئات المحلية في مجتمعاتنا العربية ومستلزمات الفرد في أن تكون الثقافة داعما حضاريا لا أداة معرفية أو ترفيهية تكتفي بتخفيف التوتر المجتمعي واكتشاف مواهب من يملكون بزوغها، أنتج وعيا زائفا بسيرورة الفعل الثقافي مع العلوم في بناء هوية المجتمع وقيمه وقداسة المؤسسات التي تمارسها فكانت أمية العلوم وجهل الثقافة. والأمية لا ترادف الجهل ضرورة وانما الجهل هو من يتلبس بالثقافة لأن وعي الحقائق لا يتناسب والمخيال الثقافي للفرد والجماعة فتم انتاج فعل علمي بروح ثقافية يعتمد على تكثيف سيرورة الاستيعاب لا تفكيكه وفق أطر تلك المتطلبات المجتمعية وادراك غاياتها.
إن سيرورة الاستيعاب لكل ما هو معقول واللامعقول في مركزية الثقافة العربية ساهم في ثقافة الجهل وجهل ما يهتم به الفعل العلمي الحقيقي الحامل للمعنى والمصير وفهم دلالاته لا في تقييم السلوك وانما تقويمه عبر واقعية الغايات لا انتقاء الانفعالات الحب والكراهية، في الحب لا نرى العيوب وفي الكراهية لا نرى الا هي وسقط العلم في مغالطة احجار الشطرنج ولم يفصل الذات عن اعتبارات الموضوع والتي هي ليست من أولوياته.
واكتفى الفعل الثقافي بمحورية الاستيعاب بين المعقول واللامعقول، الموجود واللاموجود، المرفوض و المقبول بعيدا عن العلم أو حقائق الايمان ومسلماته الدالة.
فظاهرة التخلف مثلا ليست حالة طارئة في تاريخ مجتمعاتنا فلماذا تدرس كذلك؟
ولماذا ندرس مختلف اشكاليات الظواهر الأخرى في منعزل عن ثباتها؟
والحقيقة لماذا ندرس كل تلك الإشكاليات إذا كان التخلف يشكل سيرورة مرافقة لحياة تلك المجتمعات ووجودها؟
هنا وعبر خدعة استكان لها المختص والخبير تم تحويل مقوم العلم الاساسي وهو فصل الذات عن الموضوع الى حدث ثقافي لا منتج علمي، فكل ما يقدم من بحوث ودراسات في طابعه الإنساني والاجتماعي إنما هو يشتغل ضمن المخيال الثقافي وانتاجاته لا عبر مقومات العلوم ومناهجها، وإلا لماذا فشلت كل هذه الدراسات في إيجاد الحلول لتلك الإشكاليات؟
أن الفعل البحثي والعلمي الممارس من مختصين وخبراء في مؤسساتنا البحثية العربية اكتفى بتصدير ثقافة النتائج والتوصيات عبر متطلبات البناءات الاجتماعية والتي لا يهتم العلم بكياناتها ومصادر الرضا و الاستهجان ضمنها والتي من خلالها عاشت المجتمعات العربية خيالات ساكني كوكب أورانوس البعيد عن الشمس…… يتبع