أنا مسكون بحب العراق / حسين الصدر

السيد حسين الصدر
-1-
حُبّ الوطن من الايمان ، ولا يُلام المرء على حب وطنه وأهله واخوانه والتغني بأمجادهم ومناقبهم وما اتسموا به من سمات وصفات لهن الصدارة في قاموس الأخلاق .
-2-
وحين يأتي الحُبَّ متناغما مع القيم الانسانية الأصيلة فلا غُبار عليه وهو مقتضى الفطرة السليمة .
-3 –
وليس بمقدور الكُتّاب إحصاء المواقف النبيلة واللمسات الحانية الجليلة التي تشهدها الساحة العراقية في كل يوم ، فالعراق بلدُ العظماءِ والكرماءِ والمُبدعِين الافذاذ ، وهو العريق بحضارته وتاريخه والغنيّ بالأماثل الطيبين من أبنائه .
-4-
ولاشك أنَّ الكرم من أعظم السجايا ، وله آثاره الكبرى في الحياة الاجتماعية ،
ومن هنا جاء في الحديث :
( مَنْ جادَ ساد )
-5-
وقد حفلت كتب الأدب والتراث بالعديد من القصص والحكايات المؤثرة في هذا الباب ،
وكانت العادة المُسارعة الى تدوين تلك الحكايات وتوثيقها لتصل الى الأجيال جيلا بعد جيل ولتكون حافزاً للنسيج على ذلك المنوال النَدَيّ
الا أنَّ هذا المنحى – وللاسف الشديد – لم يَعُدْ شائعا في عصرنا الراهن.
ونحن ندعو رجال العلم والأدب والثقافة والاعلام الى تدوين وتوثيق ما يروق لهم من نواصع الأعمال والأقوال، ففي تدوينها ونشرها فوائد تربوية جمة ، والدروس الثمينة يجب أنْ لا تضيع .
-6-
زارني قريباً صديق عزيز ، وفي سياق حديثه روى لي قصة طريفة عن خاله – وكان من رجال الاعمال الكرماء – راقَتْنِي كثيراً فأحببت ان أنقلها لكم لأنها بمثابة رسالة الى كل القادرين على ان يتوجوا أعمالهم بالوضيء من الممارسات الانسانية النبيلة وهذه تجعلهم محبوبين عند الله وعند الناس .
قال :
كان خالي صاحب حقل دواجن كبير في الديوانية، وكان قد عيّن حارساً لهذا المدجن وقد اثنى هذا الحارس على خاله يوماً بعد رجوعه من ايطاليا وهو يرتدي ( سترةً أنيقة ) وأبدى اعجابه بها ، فما كان منه الاّ أنْ نزع سترته فوراً وقدّمها للحارس …
غير أنَّ الحارس بعد أنْ لبسها وجد فيها الكثير من العملات الاجنبية فجاءه وقال له :
إنَّني وجدت السترة ملأى بالعملات الاجنبية فجئتك بها
وهنا كانت المفاجأة فقد قال له :
انني قدّمت لك ( السترة )، وكل فيها هو لك، ولن آخذ منك شيئا ، وكان ذلك سبباً في أنْ يمتلك الحارس داراً لسكنه ومأوى لأهله، مما يكشف عن أنَّ المبالغ التي كانت في ( السترة ) كانت كافية لتغطي أكبر الحاجات.
وهنا يكمن السخاء، وتكمن المروءة، ويكمن الحنو على المستضعفين والفقراء والضعفاء .
وهنا يكمن السر في اختيار القصة ونشرها أيضا .
فهي دعوة صريحة للبر والاحسان والمبادرات الكريمة لنفع الناس لاسيما الفقراء منهم .
-7-
وقد قرأت اليوم خبر افتتاح مطعم في البصرة اسمه ( مطعم عون ) يقدّم الطعام مجانا للوافدين الى البصرة من الخليج ولكل الأشقاء العرب للمشاركة في خليجي (25) وهو يقدّم لهم ألوانا من المآكل الشهية في منحى واضح الدلالة على عمق نزعة السخاء والكرم عند العراقيين .
كما ان موائد الطعام تعد لملايين الوافدين لزيارة الامام الحسين (ع) في ذكرى الأربعين كل عام مقترنة بتقديم كل ما يحتاجونه من خدمات أخرى ويتم تقديمها بلك سماحة وطيبة نفس ، وبكل حفاوة وإكرام …
قل لي بربك :
بماذا تسمّي هذه المبادرات اذا لم تسمها بالكرم
طوبى للكرماء فانهم يعكسون الوجه المشرق للعراق وهم جديرون بالثناء والتقدير .

حسين الصدر
Husseinalsadr2011@yahoo.com

(Visited 20 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *