بقلم : عماد البرهان
لازال الجهد الحكومي الموروث يقف حجر عثرة امام جهد الحكومة الحالية في ايجاد مخارج تُعين الاقتصاد و تطلق يد الدولة في تقديم خدمات افضل للمواطن و تنفض الدولة عنها اعباء البطالة المتزايدة و ما تمثله من مشكلة سياسية و اجتماعية ثقيلة تضغط على ميزانية الدولة و المُشرع العراقي.
و مع توالي الحكومات الوطنية العراقية بعد العام ٢٠٠٣ و الانفتاح على العالم و التخلي عن سياسة سيطرة شاملة للدولة على مفاصل الاقتصاد، مع هذا التغيير لم تضع الحكومات المتعاقبة آليات لهذا الانفتاح و التغيير و كان الناتج مئات الشركات العامة المتوقفة عن الانتاج او الخاسرة رغم عملها و اصبحت بيوتاً للمحسوبية و المحاصصة و مقراً رسمياً لهدر المال العام و سوء التصرف في موارد الدولة.
و بالرغم من صدور قانون الاستثمار رقم ١٣ لسنة ٢٠٠٦ الا ان الاستثمار في العراق بقي عصياً على المستثمر المحترف الكفوء مالياً و فنياً، و نشأت طبقة تتستر بغطاء المستثمر تغلغلت للقطاع الخاص بمسميات عديدة و حظيت برعاية النخب من الرسميين و همها الوحيد هو الربح السريع الذي يضيف مشاكل قانونية لمؤسسات الدولة و عبأً على الهيآت الرقابية التي ما انفكت تلاحق هذا النوع المأزوم من مايسمى بال ” مستثمر ” الذي يهدر الفرص و يضيع البرنامج الحكومي و يطلق الوعود التي لا ينفذ منها شيئاً بمباركة سياسية مقنعة ويتخذ من زلات التشريع منفذاً لعدم الدخول في تنافس حقيقي شريف و لا يطمح ان يدخل في منافسة مع المستثمر الحقيقي المحترف الذي يخطط للانجاز و لتحقيق شيء للبلد.
اما المستثمر الحقيقي الذي يبني مشاريع حقيقية للبلد فبات في ظل وجود الاستثمار المقنع يبحث عن موطىء قدم فلا يجد له نصيراً من السلطتين و بدأ يبحث عن غطاء فيهما و هي مشكلة كبرى تواجه نمو البلد و تضيع الفرص لانجاز مشاريع حقيقية تخلق فرص العمل و تحقق دورات اقتصادية تساعد في تنشيط الاقتصاد و تزيد من القدرة الشرائية للسلع و الخدمات.
ان خلق فرص العمل يمكن له ان يحل مشكلات اجتماعية كبيرة و يساعد البلد على النمو ويخلق فرص تنافسية لتحسين الخدمات و يساعد البرنامج الحكومي في تقليص الانفاق و التوجه لزيادة قدرات البرنامج الاستثماري في اي موازنة للدولة و يساعد في تحقيق تحسن حقيقي في المزاج الاجتماعي العام.
اننا نلاحظ توجه الحكومة الجديدة و طموحها في التغيير و لكن الاستمرار في اهمال المستثمر الحقيقي سيؤدي الى تراجع القطاع الخاص الذي يحمل تسمية اليد القوية التي تساعد الدولة على النمو و هو خطر كبير سيؤدي الى تراجع اقتصادي خطير يزيد من اعباء الدولة و ثقل المشكلات التي تضغط على الميزانية العامة.
لكل ذلك ، لابد للحكومة الجديدة ان تضع وسائل لحوكمة الاجراءات التي تضع شروط واضحة للتأهيل و للتنافس و رفض اي تعاقدات تدخل من ابواب العرض الوحيد مع عروض ورقية لاملاء الفراغات و هو مطلب اصبح مُلِحاً لعزل الدخلاء على الاستثمار الحقيقي و فرزهم و منعهم من التسلل الى هذا القطاع المهم و الحيوي.