علي حبل المتين
الفيلم الايراني “السحلية” واحد من الافلام المهمة الذي انتج عام 2014. للمخرج كمال تبريزي ، يحاكي الفيلم واقعًا مرًا لص سجين له امكانات احتيالية كبيرة يدخل المستشفى اثر تناوله. حبوب ويلتقي هناك برجل دين داخل المستشفى .
يسرق اللص لباس رجل دين واعظ يزور أحد السجون ليهذب السجناء معنويا ويعيدهم إلى جادة الطريق وهذه هي مهمة رجل الدين الأولى إعادة الناس إلى الله إلى الشرع إلى الخشية منه سبحانه إلى السلوك الحسنة, يسرق هذا اللص لباس رجل الدين المتكون من صاية وعمامة ويهرب به كوسيلة لعبوره أسوار السجن لأنه يعلم لن يجرؤ أحد على تفتيشه أو سؤاله عن هويته أو أين وجهته, لأن الجميع يعرف قدر هذا الزي ومدى قدسيته وكيف لا وقد كساه الأنبياء والالياء الهيبة والوقار والقدسية وهنا تكمن العلة أنه تعامل مع مقدس العامة…
الحوادث جمة ولا يمكن إحصائها ولو بقينا نتتبع لما بلغنا عددها, وغيره من كان يساوم النساء الأرامل والمطلقات بداعي المساعدة وتمرير مطامعه الحيوانية بحجة زواج المتعة, كما أن هناك منهم من يساوم البنات على اسرارهن اذا ما بُحنَ له بها لأنه كما قلنا يتعامل مع المقدس ومن يتعامل بالمقدس مقدس وهذه قاعدة عامة لدى الناس, لهذا تلجأ إليه الناس لكونه محل ثقتهم وأمانهم ومستودع أسرارهم، لكن سرعان ما يكشر عن أنيابه اللئيمة, وهذا ليس لدى الجميع لو خليت لقلبت ولدى كل اختصاص من هو أسوأ لكن هكذا نتائج من يتعامل مع المقدس تظنه العامة ملاكًا وفي الحقيقة هو أسوأ من السيئ بالنهاية هو إنسان ولا يوجد مصطلح يليق به…
لو نظرنا للأمور من ناحية أخرى لعرفنا أن الإنسان يظل يصنف على حسب انسانيته بالدرجة الأولى ثم بعد ذلك مقدرته العلمية والمعرفية ونهجه القويم في التعامل الإنساني مع بني جنسه وجميع الموجودات على وجه الأرض, وعليه يمكن القول أن رجل الدين هو إنسان وليست لديه عصمة ولم يوحى إليه بل تعلم وكم من عالم هلك وعلمه معه لا ينفعه, يمكن أن يسيئ او يحسن لكن العين لا ترى غير السيئ المشين بينما هناك رجالات أهلًا للاقتداء بهم إذا ما تم البحث عن رجالات فيها المعيار لحسن السيرة والسلوك وتهذيب النفس والجدارة العلمية…
فاللص هو لص أسرق عمامة أم سرق دار أم سرق غير شيء, وكما فعل بطل فلم السحلية يفعل غيره والمدارس المشبوهة كثيرة وتخرج عمائم سوء ومن الغباء الظن أنهم من صنع الأعداء وخطط إسرائيل واميركا وكل قبيل من هذا الكلام كلام المفلسين بل هم من صنع الحاجة والتيه ونتائج التعلق بحبال الوهن…
الكثير من الشباب بعد التحاقهم بالسلك الحوزوي لم يستطيعوا معه صبرًا والأسباب كثيرة منها المادة وضف اليد وسوء المعيشة وكان أملهم ومناهم أن الحوزة مكان رخاء وبطر وتوزيع أموال كما هو مشاع لكنهم عادوا حاسرين وفي العين قذى وفي القلب شجى فضلوا وضللوا الناس بترهاتهم وأكاذيبهم من أنهم اطلعوا على خفايا وأسرار وصار يحتم عليهم ومن دواعي المسؤولية فضحها وجعل الناس في حيص بيص من أمرهم…
كنا ومازلنا نسمع عند كل صباح من الأعلام من اساتذتنا انك لا تمثل نفسك منذ دخولك اليوم الأول في هذا المجال, أنت إنسان نعم لكن عليك الالتزام لأنك تتعامل مع مقدس الناس والناس تنظر لك بعين المثالية, لا تطلِ الوقوف في الشوارع لا تماكس البائع وغيرها من الإرشادات، أما هؤلاء مواكبي الموضة فالحقيقة لا أحد يعرف أين درسوا وتعلموا كل هذا التخلف والانحدار، نعم مواكبة العصر مطلوبة من حيث الإحاطة بالشبهات والقضايا المتعلقة بتتفيه المجتمع ومحاولة مسخه إلى لا إنسان وهنا يكون دور رجل الدين في الخط الأول…
أنّ أهم الدروس التي تعلمناها هي الالتزام والمواظبة على تربية النفس ونكرانها, قد تتعرض لسؤل لا تستطيع الإجابة عليه أمر عادي جدا لكن إذا أصدرت سلوك غير منضبط فلن تستطيع تجنبه أو تجد مبرر مقنع له…
عندما يرتقي معمم المنبر أو يخرج على فضائية ما فأن إصغاء الناس له من داعي الاحترام والتوقير لشهادته التي تكون أعلى رأسه, هذه الشهادة هي التي جعلته في هذا المكان المرموق ويا للحسرة والأسف فالغالب ينقلون ترهات وخزعبلات ومن دون الروجوع لأمهات المصادر بل يكتفون بالسماع وكأنهم ينقلون قصة من ألف ليلة وليلة, حيث جعلوا من أنفسهم وزيهم وسيلة للكسب وملء الجيوب على حساب استغفال الناس البسطاء ومدى ثقتهم بمن يتعامل مع مقدسهم, فالسارق ما زال يسرق بعمامة أو من على المنبر تارة يسرق فطرة ووجدان وتارة يسرق المال وتارة يسرق شرف ومروءة المهم عنده الوصول إلى مبتغاه فهو سارق للعمامة لا رجل عمامة.