الحشد ..وتشرين  / علي الطائي

الحشد ..وتشرين / علي الطائي

 

المحامي .. علي الطائي

ذاكرة العراقيين وأيامهم تكتظ بالصور والمواقف والأحداث.. منها مفرح وهذا قليل نسبيًا لما هو محزن!!
لابد لكل موقف هناك فريق مؤيد وآخر معارض وأغلبية صامتة ، يتسم بالشجاعة من لايصمت ويسجل مايجول بفكرته..!
أحاول اليوم تسليط الضوء على موضوع مهم وهو الحشد الشعبي ، للعلم ببقية وسائل التواصل يفترض تقطيع احرف مسمى الحشد ..
ولنتحدث فقط عن الحشد الشعبي كونه يمتلك قرار تشريعي وأصبح مؤسسة رسمية وقانونية ، دون الخوض عن جهات اخرى تدعي ذات الاسم ، ولا اتحدث عن الحشد بعنوان سياسي.
لنبدأ بسؤال: هل ان الحشد الشعبي حاجة أو ضرورة للعراق؟ أم هو ترف او مزاج سياسي ، أمني ؟
فأذا ما قلنا أنه حاجة فهل ان الحشد كان سببا في مشاكل العراق ولنبدأ منذ 2003 ، فمشاكل العراق تتعاظم يوما بعد اخر وتتعقد والتي يعاني منها كل ابناء الوطن منذ سنوات سبقت تشكيل الحشد بعقدٍ من السنين .
فهل هو برئ من المشاكل التي حدثت بسبب بعض القيادات السياسية أو بعض الاحزاب والتي نشرت الفساد والفشل في معظم مفاصل الدولة والمجتمع..
سؤال اخر: من المستفيد من شيطنة الحشد الشعبي ؟ ويريد إلا يجعل منه قوة يعتمد عليها ويعتز بها البلد وتكون ضمن صنوف القوات الأمنية العراقية حاله حال الشرطة الأتحادية أو بقية الأجهزة الامنية الاخرى المعترف بها رسميًا وشعبيا والتي يدافع عنها شرفاء الوطن مثل جهاز مكافحة الارهاب.
اذا كان القول ان الحشد عقائدي شيعي فهذا القول غير صحيح فليس اغلبية الحشد من الشيعة حيث توجد ضمن تشكيلاته مجاميع كبيرة من ألسنّة والمسيح ..الخ
وحتى لو قارنا بين جهاز مكافحة الارهاب الذي يعتز به اغلب العراقيين فايضا نجد ان غالبيته من الطائفة الشيعية ولكنه تنخرط داخله مجاميع شتى من مكونات واديان ومذاهب اخرى.
من المستفيد من هذه الشيطنة لتعطي صورة مشوهة ؟ في الداخل مثلا هناك احزاب تخاف ان تكون للحشد كلمة أو قوة في داخل الدولة، لذلك تحاول تشويه سمعته وإبعاده عن قاعدته الشعبية كونها قاعدة رصينة وتحاول هذه الاحزاب تفكيك هذه القواعد..
إضافة هناك قوى اقليمية ودولية تعمل بالضد ، هذا لا يعني ان هذا الكره او الحقد جاء بشكل اعتباطي ، بل هناك رسائل وممارسات تعارضت مع اهداف تلك القوى.
من المستفيد من شيطنة الحشد وجعله في مواجهة تشرين؟
هل تشرين بحاجة لعدو آخر إضافة لاعداءها الكثيرين من احزاب وسياسيين والمنتفعين والوصوليين وحتما بعض دول الجوار ، لكي يضاف لها ابناء الحشد والذين اغلب ابناءه هم الفقراء والمعدمين والذين لم يحصلوا على ادنى حقوقهم الطبيعية.
وهو نفس جمهور تشرين ولا يختلف ابدا فهولاء من واولئك من؟
تجد في نفس العائلة أخوة أحدهم في الحشد والاخر معتصمًا بساحات التظاهر !! من نفس البيت ويعيشون نفس المعاناة ويفتقرون لابسط الحقوق ويجمعهم همّ الوطن الواحد..
اذن من المستفيد من شيطنة الحشد الشعبي وجعله في مواجهة تشرين او تصور ان هناك مواجهة او نزاع مع تشرين؟
والعكس صحيح… هناك من شيطن تشرين وسوّق لها فكرة كاذبة بان الحشد ضدها وهو من قام بمقاومتها اضافة للاعمال التي رافقت التظاهرات منذ بدايتها…!
من الذي يريد ان يصور ان الحشد الشعبي يدافع عن الظالمين ويدافع عن الاحزاب الفاسدة وتشرين تدافع عن المظلومين ؟
أكيد هي نفس الاحزاب الفاسدة التي تريد إبعاد الحشد عن تشرين لانها لو توحدت ستكون قوة كاسحة في اي انتخابات قادمة مثلًا ، او لاخذت ادورا كبيرة في نهضة البلد.
اذا كان أي من المنصفين قد حدد تجاوزات جزء من قيادات الحشد او أشّر خللاً ما وشخّص ضعف بعض قياداته أو منتسبيه بسلوكيات غير صحيحة فهذا حق مشروع..
لكن .. عندما يكون جزء من جسم الانسان يشكو ألماً !! هل نذهب لعلاجه ام لاستئصاله؟
الاستئصال هو اخر دواء .. الكّي
لكن الذي يذهب للاستئصال دون الذهاب للمعالجة ، هو الذي يريد عزل الحشد الشعبي عن قاعدته وعن الفقراء وقاعدته الاصيلة ، والتي هي بعيدة كل البعد عن الاحزاب والمتنفذين والنفعيين الذين استفادوا أو يركبوا موجة الحشد أو موجة تشرين..
لايختلف اي منصف أو عاقل أو غيور ان هناك خلل وكثير من الأخطاء التي حصلت وستحصل تحت مسمى الحشد ، ولكن من الذي لايريد ان يعالج أو يطبّب هذه الأخطاء ..( ذاتهم الذين اطلقوا تسميات شتى على ابناء تشرين لاداعي لذكرها)..
ولايريد ترميم العلاقة وتحسينها وتقويتها وجعلها قوة لكل العراق ولكل المظلومين والمحرومين ! من الذي يريد ان يعاقب الحشد الشعبي لانه ساهم بتحرير البلد ولانه اصبح قوةً جبارة امام الاحزاب الفاسدة وكل محتل وغاصب ..
اذن نعود لبداية مقالنا ان الحشد حاجة ضرورية تؤمن بالاصلاح ،لكن لانؤمن ولا نأمن من تفكيك الحشد.. فالمؤمن لايلدغ من جحر مرتين …
ملاحظة: تحدثت عن الحشد بمعناه الحقيقي الذي علقت صورته في اذهاننا منذ 2014 ببداية تشكيله ونخوة ابناء الشعب للالتحاق ، بعيدا عن المسميات التي استغلت دماء الشهداء ، والتي اضرّت كثيرا بهذه المؤسسة وخير دليل على ذلك (نتائج الانتخابات الأخيرة ).

(Visited 35 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *