د. احمد عدنان الميالي
عبر العراق مرحلة الانسداد والشلل السياسي الى مرحلة الاحتقان والاحتكاك المباشر بين القوى السياسية وجماهيرها فضلا عن مؤسسات الدولة ، فبعد تسمية الاطار التنسيقي لمحمد شياع السوداني مرشحا لرئاسة الحكومة ونظرا لمقبوليته العامة ونزاهته، الا ان التيار الصدري يرفض اي ترشيح من قبل الاطار التنسيقي ويرفض اي دور للسيد نوري المالكي في هذا الترشيح، بل بعد ازمة تسريب التسجيلات الصوتية الاخيرة يرى التيار الصدري ان المالكي انتهى سياسيا وعليه الاعتزال وتسليم نفسه الى القضاء، في حين لازال لدى الاخير من النفوذ السياسي والشعبي والملفات ماتبقيه حاضرا في العملية السياسية وندا للتيار الصدري.
. ولهذا لايوجد امام القوى السياسية المتناحرة الا الخيارات التالية :
الاول : التوصل الى توافق او تفاهم سياسي للمضي باستكمال مخرجات الانتخابات المبكرة وعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ومن ثم تكليف رئيس حكومة توافقي اشبه بسيناريو تكليف عادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي دون الاشارة الى من هي الكتلة الاكبر ومن هو الطرف المسؤول عن هذه الحكومة، مع استشارة التيار الصدري في خيارات القوى السياسية في هذه الامور، بمعنى لايتصدى الاطار التنسيقي للحكومة ولايعلن نفسه الكتلة الاكبر، بل يذهب بديلا للكتلة الصدرية ويدخل في ائتلاف سياسي وطني مع شركاءه السابقين في استكمال الاستحقاقات السياسية، مع ابقاء وجود الصدريين في الكابنية الحكومية.
الثاني : العودة الى مبادرة زعيم التيار الصدري او مبادرة زعيم تيار الحكمة او الاطار التنسيقي، فيما يخص المستقلين، اي تخويل النواب المستقلين من جميع الاتجاهات والمكونات ، بتشكيل تحالف سياسي يعنى بتشكيل الحكومة بغض النظر عن معطيات انتخاب رئيس الجمهورية، باعتبارها قضية كردية يتم التوافق عليها تزامنا مع الاخذ بهذا الخيا.
الخيار الاخير ينسجم الى حد ما مع الواقع السياسي الحالي لتجاوز الازمة واستثمار فرص الكتل السياسية خيار النواب المستقلين لادارة البلاد ، اذ سيكون وفق هذا المشهد معادلة لاغالب ولامغلوب .
مع ان هذين الخيارين الاول والثاني فيهما تجاوز على المدد الدستورية، وعلى مسألة استحقاقات الكتلة الاكبر، مايعني ان اي فعل سياسي رسمي ينشئ عن ذلك سيكون قابل للطعن كونه فعلا وضع غير دستوري رغم الحاحات اللجوء اليه.
الثالث: يتمثل بحل البرلمان والدعوة الى انتخابات نيابية جديدة وفقا للدستور، بعد تهيأة مستلزماتها من قانون انتخابات جديد اكثر تمثيلا وعدلا ، ومفوضية انتخابات جديدة، حسب مااقرته المحكمة الاتحادية بعد مصادقتها على نتائج الانتخابات المبكرة الاخيرة، اذ يجب ان يتم تجاوز كل الاخفاقات والمؤشرات السلبية التي رافقت الانتخابات السابقة وخاصة مسألة شفافيتها ونزاهتها وسرعة اعلان نتائجها، ومايسهم في تحقيق ذلك وجود مجلس نواب منتخب وشرعي قادر على ان يكون الجهة الحاسمة لكل الثغرات والعيوب التي شابت الانتخابات المبكرة، واهمها ضعف المشاركة السياسية، التي نعتقد انها اهم عنصر لشرعية الانتخابات فيما لو ارتفعت نسبة هذه المشاركة؛ لانها ستكون حاسمة في تغيير المشهد السياسي الحالي بشكل واضح يمكن من خلاله التأسيس لوضع سياسي مختلف افضل من السابق. لكن لاتوجد في الحقيقة اي ارادة سياسية تذهب الى إلتماس الخيارات التي فيها صالح للوطن المواطن، بل يشكل التعطيل والانسداد والصراع والتنافس والتصعيد نحو المصلحة الخاصة للقوى السياسية الفائزة في الانتخابات افضل الخيارات الماثلة امام هذه القوى، ولهذا فإن تحريك المشهد والواقع السياسي نحو الافضل صوب المصلحة العامة بات صعبا في ظل الاوضاع الراهنة.
ان الذهاب لخيار تغيير النظام السياسي او العملية السياسية الحالية برمتها، او البقاء في حالة الانسداد والشلل والصراع السياسي والتجاوز على الدستور وانتهاكه، سيفتح ابواب تحقق مقتضيات التدخل الخارجي في الشأن العراقي بشكل اوسع، اضافة الى ارتباك مؤكد للمشهد الداخلي الذي سيفرز حالة سياسية مغايرة لايمكن تخمين محاسنها وايجابياتها في العراق اطلاقا.
خيارات الخروج من الاحتقان السياسي في العراق / احمد الميالي
(Visited 14 times, 1 visits today)