وا أسفاه ياعراق كم نجيد النعي والحزن / حسين فوزي

وا أسفاه ياعراق كم نجيد النعي والحزن / حسين فوزي

حسين فوزي
رحل مظفر النواب أبن الكاظمية، رحل المثقف الذي سعى للحفاظ على تراث الأهواز الثقافي وكلمته الشعرية الشعبية بعد 14 تموز 1958،
رحل المناضل من اجل السلام والديمقراطية والاشتراكية،
رحل المقاوم الشجاع بالسلاح والكلمة لانقلاب 8 شباط الأسود،
رحل سجين معقتلات شاه إيران ونكرة السلمان والحلة والمشارك القيادي في تنفيذ نفق سجن الحلة درباً للحرية والنضال من قمم جبال كردستان،
رجل الشاعر المؤمن بالكلمة، كما كان جده الحسين، فرفض إغراءات ما بعد 17 تموز، واختار جواز سفر لينأى بنفسه عن سلطة أرادت الثوريين معبراً لإحكام قبضتها باسم الجبهة الوطنية لتكون حكم عشيرة ثم عائلة ثم شطر من العائلة،
الرئيس الراحل جلال طالباني أحبه، كما أحب الجواهري الكبير، وحفظ شعرهما، وحرص على تكريمه واحداً من الشخصيات الوطنية المناضلة،
النظام الشمولي حاول شراء الجواهري بالامتيازات ودار شارع النهر في الكاظمية، فأخفق، وحاول استدراج مظفر النواب، لكنه كان عالي الجناب بقيمه الثورية فرفض بيع ذمته،
المؤسف أن العراق يستقبله مسجى وفق مراسم مؤثرة، لكن من هم يقبضون على مفاصل تستحكم بالبلاد وبعض ممن ينعونه اليوم، لو كان حياً يهدر بشعره لاستسهلوا إسكاته برصاصة في رأسه، كما اسكتوا نقيب الصحفيين شهاب التميمي،
واأسفاه يا عراق،
إنهم يبكون سيد شباب الجنة والشهداء الحسين، ويلوكون مناقب إمام المستضعفين علي، لكنهم يعبون أموال الشعب في جيوبهم، ويسعون لإفساد كتاب الكلمة، ويحولون بعض المستضعفين إلى حراس لسطوتهم،
واأسفاه يا عراق، هذا ابنك مظفر النواب من غنى لك بصوته البدوي مع صديقة سعدي الحديثي في سجن الحلة وقبلها نكرة السلمان، شعراً مقاوماً للقمع، لكنهم قمعوه ورفاقه بإقصائهم ومشاريع البناء، لنعيش أيام قحط مستمر في كل شيء.. ابقوه في المنفى، لأنهم يأخذونك اسيراً يستنزفون خيراتك،
عاد النواب محمولاً تلفه رايتك يا عراق، لكن قلبه مكلوم فلا بناء يشيد على أرضك ولا نخلة تزرع كما يحلم النواب، فكل شيء يقلع ويجرد من معانيه،
كل شيء يُقلع، والحرية تُقزم لتكون كلمات على ورق أو مجرد هتاف في ساحة التحرير، يتسع جيش العاطلين والمعدمين وتنتفخ أرصدة بعيدة عنك يا عراق، ويستعاد ابنك النواب ليدفن في ثراك دون أن يتاح له معول ليزرع نخلة أخرى،
لكنه يظل يزرع في أجيال العراقيين الإيمان بحرمة الكلمة، الوعي بقيمة الكلمة عندما تكون فعلاً يبني وليس أحاديث مقاهي متشنجة، أو شعارات سياسيي الصدفة،
سأظل احني رأسي إجلالاً لذكرى أيام تعلمنا فيها من بحة صوتك وتقطع نياط قلبك وأنت تشدو شعرك من منبر سجن الحلة أن يعود “الريل” صارخاً وسط البساتين والنخيل الشامخ المستعاد.

(Visited 40 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *