السيد حسين الصدر
-1-
تذكر بعض المواعظ قصة فتاة ضلّت الطريق فاضطرت الى السؤال عن طريق حمّام مُنْجاب فأشار لَهَا أحد الانذال الى باب دار، وحين دخلت الفتاة أغلق عليها الباب، واعلن اختطافه لها ، وكشف عن خطته النكراء لاغتصابها ولكن الفتاة كانت ذكية ، وَسَعَتْ الى التخلص من هذا الفاجر الغادر فقالت له :
اذهب الى السوق ،
واشتر لنا ما نحتاج اليه من لذائذ الطعام
وكانت هذه الكلمات فرصتها للهرب من داره بعد ان ذهب الى السوق .
ثم ان هذا اللعين احتُضِرَ ،
وكان يقال له قل :
أشهدُ ان لا اله الاّ الله وان محمداً رسول الله (ص)
فكان يقول :
يا رُبَّ سائلةٍ يوماً وقد تَعِبَتْ
أينَ الطريقُ الى حَمّامِ مُنْجاب ؟
ولم يوفق لاداء الشهادتيْن حال الاختصار،
الامر الذي يعني أنَّ الشروع بالمعصية وليس أيقاع المعصية، قد يكون سبباً للحرمان من الموت على الاسلام .
وهذه موعظة من أخطر المواعظ .
وكنت أُريد أن اعرّف شيئا عن حمّام منجاب الذي ورد ذِكرُه في القصة ، فتبين لي انه حمّام في البصرة كانت تدخل اليه وجوه الناس …
-2-
روي عن الرسول الأعظم محمد (ص) انه قال :
” أكرموا عَمَتَكُم النخلة ”
والسؤال الآن :
كيف صارت النخلةُ عَمَّتَنا ؟
لم أجد ما تركن اليه النفس في الجواب الاّ ما رُوي عن الامام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع)
” انّ أول شجرة استقرت على الارض النخلة ،
فهي عمتكم أخت ابيكم ”
حيث انّ أدم (ع) كان أول من استقر على الارض من البشر، والنخلة أول من استقر على الارض، فكأنها أصبحت أخته ،
ومن هنا عبّر عنها بعمتنا .
-3 –
حبُّ الوطن حُبٌّ فطريٌّ ،
ومن هنا قيل :
( عمر الله البلدان بحب الأوطان )
وإنْ كان السلطويون في العراق الجديد –للأسف الشديد – لم يفكروا بعمران البلاد وانما اهتموا غاية الاهتمام بمكاسبهم وامتيازاتهم ومصالحهم الخاصة على حساب الصالح العام .
نعم
كما يُحبُّ الآباء والأمهات ابناءهم على كل حال سواء كانوا على درجة عالية من الجمال أو لم يكونوا يملكون ذرّةً منه، فالأوطان محبوبةٌ حتى اذا كانت ذات مناخ صعب وهذا ما عناه الشاعر بقوله :
وكنا ألفناها ولم تَكُ مَأَلَفَاً
وقد يؤلَفُ الشيء الذي ليس بالحَسَنْ
كما تُؤلَفُ الارضُ التي لَمْ يَطِبْ بِها
هواءٌ ولا ماءٌ ولكنّها وَطَنْ
-4-
ورد مرفوعاً :
” يقول الله :
يا ابن آدم :
ما تُنْصِفُنِي ،
أتحببُ اليكَ بالنِعَم ، وتتمقتُ اليّ بالمعاصي :
خيري اليك مُنْزَل وشركَ اليّ صاعد ،
ولا يزال مَلَكٌ كريم يأتيني عنك في كل يوم وليلة بعمل قبيح ”
والسؤال الآن
هل يرتضي انسان عاقل، فضلاً عن مؤمنٍ عاقل أظلّه شهر الله العظيم، بِأَنْ يقابل النِعم النازلة بقبيح الأقوال والاعمال الباطلة ؟
اللهم انا نتوب اليك من سيئات أعمالنا ونسألك التوبة والغفران انّك أنْتَ التوّاب الرحيم .
حسين الصدر
Husseinalsadr2011@yahoo.com