وسام رشيد
في عالم إفتراضي وهو مرآة يعكس واقع حال معيشة الناس وسلوكها، إنتشرت ظاهرة الإبتزاز، والتشطّر على الآخرين، وكسب المواقف لإتاحة فرصة المناورة والوصول، ثم تحقيق الهدف.
هذا العالم لم يعد افتراضياً فهو يساهم في ثراء الكثير من رواده، والمشتغلين في موارده الاقتصادية المتاحة.
وليس إفتراضياً اذا ينجم عن الاختلاف والعراك في منصاته(ومنشوراته) عشرات والمئات من الدگات العشائرية، وحوادث القتل، والتغييب.
عالم يضم منظرين وفلاسفة ليس لهم دور كبير في تحديد معالم الرؤية فيه، أو خلق المزاج الجامع والمشترك بين المنضمين فيه، وهم ذاتهم المتجاورين في الحيِّ، والمناطق، والمحال، والمدارس وغيرها.
المزاج الرابط بين الناس في العالم الواقعي جداً يصنعه القادرون على جَذب المتعة، والتسلية، والـshow إعلامي.
وكل الوسائل متاحة، فمنهم من يتربص الأخطاء، والكوارث المجتمعية، ومنهم من يرصد الفكاهة ومنهم من يصنعها بإتقان وإحترام، أو “بسطحية” كما هو الغالب الذي يجلب الانبهار.
وبين كل تلك المساحات تندس مجموعة الابتزاز الغبي، عبّر الترصد والنشر لإصطياد الفرائس التي غالباً ما تكون فاسدة وسارقة، أو خارجة عن القانون.
أتاح تطبيق فيس بوك المنشر بشكل تام بين المواطنين هنا في العراق أكثر من غيره من برامج التواصل الالكتروني، مساحة آمنة وسهلة لمجاميع من المرتزقة الذين تستخدمهم مراكز قوى تجارية، او سياسية، لتحقيق الضغط، وزعزعة وجدان المجتمع، ثم ضرب الهدف وجره للخط المرسوم بعناية ودقة وبحسابات بعضها شيطانية، ينفذها على ارض الواقع مجموعات بسيطة تبحث عن المال، أو تحسين ظروف المعيشة.
شاءت الأقدار ان أطلع شخصياً على شهادات عديدة على سلسلة من محاولات تحشيد العامة المشتركين في هذا الواقع، لصالح فساد مشاريع، أو تضليل مشروعات، تكللت بدفع مبالغ نقدية لصالح قادة أو جنود تلك الحملات، وغالباً ما يكون العقل المدبر لها هو منافس، رغم وجود اشخاص يمتهنونها بشكل فردي، ويحاولون التخفي تحت ستار من “المدونين” يحوكونه بذكاء.
أدت تلك العمليات المستمرة لإضعاف مصداقية النشاط الرقمي على الفيس بوك، ومع كل إثارة جديدة، تتجه لها موجة من التساؤلات، والتشكيكات، وربما حتى التكذيب غير المبرر.
المشهد بدأ يتحول الى موالات ودكاكين تعرض بضاعتها، وتستخدم كل الاساليب المعتمدة في سوق العمل.
الغش والنُصح والتلميع والتبييض والتستر والشفافية، جميع تلك المفاهيم المتداولة ستراها حاضرة في العالم الذي يُصر المتحدثين الاعلاميين على انه افتراضي، ولا أراه سوى جزء من حياتنا، يؤثر في مسيرة يومياتنا بدقة، ويحدد ملامح مستقبل مجتمعاتنا.
الأيدلوجيات السياسية والدينية المتصارعة الآن في العراق، والمتنافسة في أحسن الأحوال، هي أيضاً إمتلكت متاجر في هذه الشبكة الالكترونية، لتسويق بضائعها، الفكرية، والتعبئة لجمهورها، ومنافسة الخصوم، أو خلقهم في غالب الأحيان، بأدوات وأسماء وشخوص ومجموعات تتطور وتتصاعد بحال زيادة الإنفاق، وتضمحل اذا مرت بتعسر او عجز عن الدفع.
هي أيضاً تلجأ لحجز مقاعدها، وكيانها في مستقبل الكتروني، واجهته الفيس بوك الذي يؤمن مدخولات بشرية وموارد اقتصادية لا يمكن الاستغناء عنها في قادم الأيام.