دارين السماوي / كاتبة تونسيةً
أن تكون مواطنا عربيا هذا في حدّ ذاته بطولة، لا يهمّ المكان الذي تعيش فيه سواء كنت في دولة عربية أو أجنبية فأنت بطل و تستحق التكريم.
إن كنت يا صديقي تعيش مهاجرا في بلاد الغرب فمن المؤكد أنك بطل أولمبيّ محطم للأرقامالقياسية و قبل أن تسألني بطل في ماذا سوف أجيبك: بطل في القفز على الحواجز ياصديقي.
بدأ من حاجز اللغة و حاجز الإقامة و حاجز التأقلم في مجتمع لا تنتمي إليه و حاجزالبحث عن فرصة عمل وصولا إلى الحاجز الأكبر و هو حاجز نظرة المجتمع الغربيللمواطن العربي على أنه كائن متخلف و متطرف مجهول النوايا و الطباع و لا أحد ياصديقي سوف يقرّ لك حقّا بأحقيتك في هذه البطولة سوى شخص جرّب الغربة و الهجرةو ما تعنيه تلك اللحظة الأولى لمواطن عربيّ في بلاد الغرب عندما يفتح عيناه على منظرلم يتعوّد رؤيته من قبل و على أحاسيس يمتزج فيها الحلم و التفاؤل بالخوف منالمجهول، كلّ الكلمات لن توفيك حقك و لن تكرم ذلك المجهود الجبار الذي تبذله في مجتمعو بلاد لا تنتمي إليها كي تثبت ذاتك و تصنع لنفسك مكانا محترما في ذلك العالم و لكنّيسوف أهمس في أذنك بجملة واحدة : استمر أيها البطل و لا تعبأ بما يقالعنك و عن هويتك، لا تنتقص من نفسك و استمر في نحت اسمك في المكان الذي تستحقهبرغم كل الصعوبات.
أما إن كنت مواطنا عربيا لم تتعدّى قدماك حدود وطنك و لم تجرّب الغربة و لا الهجرة فأنتلست بطل.
انتظر و قبل أن تتهمني بأنّي متحيّزة للمغتربين دعني يا صديقي أتمم كلامي، أنا أعنيما أقول أنت لست بطل.. أنت بطل الأبطال، أنت ملهم الشعوب، أنت مثال الصبر و الجلد وإن كان أخاك المغترب بطل في القفز على الحواجز فأنت بطل عالميّ في المصارعة الحرّة وأودّ أن أشكرك على كلّ تلك التدريبات اليوميّة التي تقوم بها في مصارعة ظروفك القاسيةالمحيطة بك و المحبطة لك و التي تبدأ من صعوبة البحث عن شرابك الضائعوسط كومة الملابس مرورا بالبحث عن حلّ لفكّ عقدة حركة المرور المكتظة حتى تصل لعملكفي الموعد دون أن تسمع ما لا يرضيك من مسؤولك في العمل و الذي لم تسمع منه يوماكلمة تشجيع واحدة برغم كلّ مجهوداتك مرورا أيضا بمحاولاتك الجادّة لتفادي الحفر والمطبات التي تزيّن كلّ شوارعنا العربية دون أن تصاب بارتجاج في المخ، دون أن نتسىميدالياتك الذهبية في رفع أثقال الديون و الفواتير و القروض البنكية ومصاريف المدارس و غلاء الأسعار و السؤال الذي حيّر علماء الاقتصاد و الرياضيات كيفتتمكن يا صديقي المواطن العربي من دفع كلّ هذه المصاريف براتب أقلّ ما يقال عنه أنهمتواضع جدّا؟ و لا ننسى طبعا نجاحك الباهر في القدرة على العيش في مناخ غير ملائمبالمرّة للعيش الكريم خاصة في ظل تواجد مسؤولين هم أيضا أبطال في السرقة و النهب وتعبئة جيوبهم و بطونهم و تجويع مواطنيهم، و هل بعد كلّ هذا يا صديقي لا تستحقّ أنيقال عنك بطل؟
أنت بطل العالم لأن لا مواطن آخر في هذا العالم يستطيع أن يتحمل ما تتحمله انت أيها المواطن العربي الفذ. انت بطل لأنك برغم كل هذه الظروف و العقبات التي أصبح لا يطيبالعيش إلاّ بها مازلت تتنفس التفاؤل و التوكل على الله و مازلت تأخذ بالأسباب و تنحتفي الصخر كي تجد لك مكانا في هذه الحياة
إذا منذ اليوم غير نظرتك المتدنية لنفسك و َلا تستهن بقدراتك الخارقة و قوتك العجيبة ولاتنسى يا صديقي أن تمشي مرفوع الرأس و أن تردّد في كلّ مكان وزمان وبكلّ فخر ” أنكعربيّ و أنك بطل“