في 23 آب1921 تأسست الدولة العراقية الحديثة بتنصيب الملك فيصل الأول ملكاً على العراق، قبل ذلك كان العراق خاضعا للإحتلال العثماني ويحمل سكانه الجنسية العثمانية، وقسم آخر يحملون جنسية الدولة القاجارية التي كانت تحكم إيران.
التبعية، المصطلح البعثي المقزز..
كان الحصول على الجنسية القاجارية بمثابة تميز كبير لا يحصل عليه إلا كبار رجال الدين وكبار التجار والميسورين والعوائل الثرية وكانت الأسر ترغب بهذه الجنسية لأنها تعفي حاملها من التجنيد بالجيش العثماني ويحصل بموجبها على نوع من الحصانة والامتياز.
يوم سقطت الدولة العثمانية ومع دخول معاهدة لوزان حيز التنفيذ في 6 آب 1923 كان العراقيين تبعيتين وكلمة تبعية حينها كانت تعني (جنسية)
تبعية عثمانية وتبعية فارسية.
مع تأسيس الدولة العراقية الحديثة صدر قانون خاص بمنح الجنسية العراقية وهو قانون الجنسية العراقي رقم 42 لسنة 1924 ونص القانون على منح الجنسية العراقية للساكنين في العراق وفي المادة الثانية منه، عرف الساكن في العراق بأنه (كل من كان محل إقامته المعتادة في العراق منذ يوم الثالث والعشرين من آب سنة 1921)
لكنه بنفس الوقت وفي فقرات أخرى أعتبر ضمناً إن حامل التبعية العثمانية مواطن من الدرجة الأولى وحامل التبعية الفارسية مواطن من الدرجة الثانية.
كانت آلاف الأسر من حملة التبعية الفارسية تسكن العراق منذ مئات وعشرات السنين وقسم منهم كانوا عرب من قبائل عربية لكن للهرب من التجنيد العثماني رغبوا بالحصول على الجنسية الفارسية.
تتوزع هذا الأسر في جنوب و وسط وشمال العراق وتتنوع عرقياً، وفي تمييز طائفي ومجحف، كتب في شهادات الجنسية لكثير من العراقيين عبارة (تبعية إيرانية) رغم إن ولادتهم وسكن عوائلهم في العراق حتى قبل تأسيس الدولة العراقية.
بعد انقلاب 1963 وصعود القوميين للحكم صدر قانون 43 لسنة 1964 والذي خول وزير الداخلية حق منح وإسقاط الجنسية حسب قناعاته الشخصية!! وبدأت أول موجات التهجير بحق الشيعة الفيليين رغم إنهم من سكنة العراق منذ سنوات طويلة وأجيال متعاقبة.
استمرت موجات التهجير خلال حكم البعثيين بعد انقلاب 1968.
ومع صعود صدام للحكم وفي بداية عام 1980 حدثت أسوأ وأشد موجات التهجير التي شملت أسر كاملة من العرب والفيليين الشيعة.
في 7 نيسان 1980 تم دعوة 850 تاجر من كبار التجار الشيعة إلى غرفة تجارة بغداد تحت ذريعة مناقشة الشؤون التجارية، حيث القي القبض عليهم وتم وترحيلهم بملابسهم ورميهم على الحدود العراقية الإيرانية في منطقة مندلي وتجريدهم من ممتلكاتهم ومصادرتها ثم قامت الحكومة حينها بترحيل عوائلهم خلفهم.
وفي 5 نيسان 1981 صدر القرار 474 من مجلس قيادة الثورة المنحل والذي يقضي بمكافأة العراقي المتزوج من إمرأة تبعية إيرانية حين يقوم بتطليقها!!.
استمرت موجات التهجير قبل وبعد بداية إندلاع الحرب العراقية الإيرانية للفترة من 1980 إلى 1990 وقد هجر خلال هذه السنوات مئات الالاف من الشيعة العراقيين.
حتى إن من ولد في العراق عام 1921 وهو تاريخ تأسيس الدولة العراقية الحديثة يكون في عام 1981 قد بلغ عمره 60 سنة ومع ذلك اعتبر غير عراقي وتم تهجيره ورميه على الحدود.
كانت تحملهم سيارات الحمل والباصات وتلقي بهم على الحدود في مواجهة حقول الألغام والبرد وفي مناطق تشتهر بانتشار الأفاعي والعقارب.
هجرت عوائل بأكملها وكانت مفارز الأمن والحزب تقتحم البيوت وتخرج الأسر بالقوة في الكثير من الأحياء السكنية في بغداد والنجف وكربلاء والبصرة وكركوك وغيرها من المحافظات التي عاشت احداثا مروعة لا يمكن تخيلها لعوائل كاملة سحبت بالقوة من بيوتها وسط صياح النساء وتجمع الجيران دون أن يعرفوا ما الذي يجري والى أين سيؤخذون، وكان سعيد الحظ بينهم من كان يعرف بأمر ترحيله فيمنح أثاث منزله واغراضه للجيران.
لم يسمح للعوائل بأخذ أي شيء سوى ملابسهم التي عليهم، فيما صادر نظام البعث المجرم كل اموالهم ومجوهراتهم ومحلاتهم وعقاراتهم وارصدتهم البنكية..
بل بلغت طائفية واجرام نظام صدام لدرجة أن أصدر قرار من مجلس قيادة الثورة المنحل بالرقم 666 ينص على (نزع الجنسية العراقية عن العراقي الذي لا يثبت ولائه لتربة الوطن وأهداف الثورة).
وقد تم تطبيق هذا القرار الفضفاض بشكل طائفي وتعسفي.
فيما تم منح الجنسية العراقية للآلاف من المصريين والسودانيين والفلسطينيين..
وما زال أكثر من 22 ألف شاب عراقي مجهولين المصير بعد فصلهم عن ذويهم إثناء تهجيرهم إلى الحدود.
وقد حدثت أثناء عمليات التهجير مئات الحالات من الوفيات لكبار السن والمرضى والحوامل والاطفال وعشرات حالات الإجهاض نتيجة رمي العوائل في مناطق حدودية قاحلة وتعرضهم لانفجارات حقول الألغام والبرد ولدغات الأفاعي والعقارب.
هذه بإختصار قصة مصطلح (التبعية) الذي صار يتردد مؤخرا على ألسنة الجهلة والافاقين وايتام نظام البعث المجرم.