د. علي موسى الموسوي
يملكُ الإعلام و ذخيرتهِ “الميدياويّة” سلطة التحكم بأزرّار الوعيّ الجمعي وتوجيه ازماتالرأي العام وادارتها باحكامٍ ومنهجية خصوصاً في المجتمعات الشرقية التي يتشكل فيهاالوعيّ اثر تراكم الصور المؤثرة لان وسائل الإعلام مصدراً مهمّاً من مصادر التوعية والفكرالمجتمعي، وهي ايضاً نواة عمليّة تكوين الرأي الجماهيري إلى جانب بناء ثقافةالمسؤولية الاجتماعية باعتبارها الركيزة التي يُبنى بداخلها الانسان ليكون نافعاً ومهمافي بناء ذاته وعائلته وبلده وقادراً على تأسيس منظومته الفوقيّة، وبلا شك هنا يأتيّ دورالوسيلة الإعلامية وقدرتها على تحقيق التوازن والتماسك الاجتماعي المطلوب ما بينصناعة الفرد وقدرته على ادارة الحياة ولا يتم ذلك إلاّ عبر تحديد محميّة اعلامية حياديةتعمل على دعمه بآليات الشرح المنطقيّ والتفسير والتعليق على الأفكار والأحداثوالمعلومات ومن ثم تدعيم معايير الضبط الاجتماعيّ والثوابت الرصينة سواء كانتسلوكية او أخلاقية وعقائدية وغيرها، وكذلك التأكيد على التمسك بالقيّم السليمة وكشفجميع الأساليب الخارجة عن المنظومة القيمية الصحيحة لان هنالك فجوة بين الأخلاقياتالعامة في المجتمع والسلوك الخاص لبعض الأفراد، هذه الفجوة التي يواجهها الكثيريناو الفارق التطبيقيّ بين ما نؤمن به ومانفعله في الواقع وهي بمثابةِ انحرافات فكريةوأخلاقية شكلها الاعلام المُضاد ولا يمكن التسامح معها ويجب على الإعلام الهادفوالحقيقي أن يوضح مخاطر وازدواجية هذا السلوك ويحاربه من خلال تدعيم قواعد القيمالأصيلة والمعايير المُنضبطة، خصوصاً بعد الثورة الاتصالاتية والمعلوماتية الهائلة داخلمواقع التواصل الاجتماعيّ التي يفترض انها جاءت مُعبرة عن ميول الثقافات العالميةسيمّا الفرعية منها حيث يتمثل الانتشار التواصليّ والتوجيه المُتلفز امّا بتقديم التنوعاتالثقافية المفيدة والنافعة للفرد بكونه انساناً أو من خلال التعبئة الحماسية و دورها فيالمساهمة بالحملات الاجتماعية والارشادية والتوجيهية خاصة في الأزمات السياسيةوالاقتصادية وحتى الحروب..
ومن الحقائق الثابتة أنّ وسائل الإعلام لا يقتصر تأثيرها في تصحيح حماية المساراتالمجتمعية وانما تؤثّر تأثيراً مباشراً في ذاكرة الأفراد، بل إنّها تؤثّر في مجرى تطوّر البشروتدرج طموحاتهِ في سلم الحياة لان هناك علاقة سببية بين التعرّض لوسائل الإعلاموالسلوك البشري المتطور، ويختلف بلا شك تأثير وتوظيف وسائل الإعلام بحسب نوعيةوظائفها وطريقة إستخدامها والظروف الإجتماعية والثقافية المُحيطة بالفضاء الحرّ،وكذلك قدرة الأفراد أنفسهم على تقبل اختلافاتهم وتأثيراتها لإنّ آثار وسائل الإعلام ليستدائماً تسير بالاتجاه الموحد لثقافات الشعوب وانما قد تكون ضارّة وقد تكون قصيرة الأمدأو طويلة الأمد، ظاهرة أو مستترة، قوية أو ضعيفة، نفسية أو إجتماعية أو سياسية أوإقتصادية، وقد تكون سلبية أو إيجابية، لكن ما يهم في كل ذلك هو هل نجحت الوسيلةالاعلامية في تربية ذات الإنسان وتوحيد هويتهِ الانسانية وتنمية وعيه الإيجابي،وإعداده للحياة كفردٍ ناجح وموثر في محيطه.