د.احمد عدنان الميالي
واحدة من اركان الدولة وعناصر وجودها هو عنصر السيادة الفعلية على شؤونها الداخلية والخارجية، وامتداد سلطانها على اراضيها كافة وبحرية تامة. ولايكفي اعتراف القانون الدولي والمجتمع الدولي بسيادة الدولة نظريا ، اذا كانت هنالك تدخلات خارجية في شؤونها بحيث تقيد او تلغي سيادتها الفعلية تماما.
ممكن القول ان العراق يمتلك السيادة القانونية والاعتراف الدولي بذلك لكنه من الناحية الواقعية يعاني من ازمة سيادة، لانه اكثر الدول تاثرا بالمحيط الاقليمي والدولي من ناحية التدخل في شؤونه الداخلية ، واستخدامه منصة لتصفية الحسابات الدولية والاقليمية وحماية مصالح المتدخلين على حساب مصلحة العراق.
لايمكن الحديث عن بناء الدولة بلا سيادة ، والاخيرة باعتقادي تمثل اهم ادوات الاستقرار السياسي التي تشكل رأس الحربة في اي تجربة بناء دولة مؤسسات فاعلة مستقلة. ولهذا حينما تطرح تساؤلات ، لماذا تنجح بعض المجتمعات بشكل أفضل من غيرها في بناء الدولة؟ وكيف يمكن للجهات الفاعلة في أن تدعم بناء الدولة الإيجابي؟ وماهي العوامل التي تؤدي إلى تطور إيجابي أو سلبي في عملية الدولة ؟
في الحقيقة يجب على الجهات السياسية الفاعلة النظر في الحقائق الأساسية ، ووضع التحليل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في سياق تاريخي، عند انجاز الاولويات داخل كل مجال من المجالات بناء الدولة.
ان بناء الدولة هو العملية التي من خلالها تعزز الدول قدرتها على العمل، ويتم تحديد هياكل الدولة من خلال تسوية سياسية أساسية ؛ وصياغة فهم مشترك بين النخب السياسية ، ينطوي على أن مصالحهم أو معتقداتهم تخدمها طريقة معينة لتنظيم السلطة السياسية.
ينطوي بناء الدولة الايجابي على ثلاثة مجالات ضرورية للتقدم، أولا : يجب إقامة تسوية سياسية، ثم يجب على الدولة أن تفي بثلاث وظائف أساسية: الأمن (التحكم في استخدام العنف) ، وضبط الإيرادات (جمع الأموال وتوزيعها، لا سيما من خلال الضرائب والجباية والكمارك) ، والحكم من خلال القانون.
وفي حال انجزت هذه الوظائف، فان التهديد الخارجي يمكن أن يعمل على تقويض الثقة في عملية بناء الدولة وتبديد اي انجاز او تقدم في تحقيق هذه الوظائف واي مكتسبات تتعلق فب مسألة بنا الدولة، لان السيادة مسألة اساسية في ديمومة قوة الدولة في انجاز وظائفها ومهامها وحتى بقاءها.
تعرض اربيل عاصمة اقليم كردستان الى قصف بالصواريخ البالستية قبل ايام، يؤشر تهديد حقيقي لسيادة الدولة واضعاف فرص التسوية السياسية في تجاوز الاختلافات وبالتالي فان مسألة بناء دولة عراقية فاعلة بعد الانتخابات المبكرة لن يكون لها معنى اذا مااستمرت عملية انتهاك السيادة .
في الحقيقة يعمل الإدماج السياسي بشكل فاعل على مواجهة التدخلات والتهديدات الخارجية ويكبح تحديات نقصان السيادة . ولهذا من مصلحة النخب السياسية ادراك حجم التهديد الوجودي الذي يقاسيه العراق مايقتضي البحث عن تفاهم سياسي ايجابي. رغم تهديد السيادة العراقية اقليميا بشكل مستمر لكن الشيء الايجابي ان بعض القادة الذين ادانوا استهداف سيادة اربيل الذي يعني استهداف سياد العراق ككل ، لديهم أجندة واضحة لبناء الدولة ، لكن الشيء السلبي هو اتخاذ البعض نهجاً قائما على المحسوبية والعمالة والزبائية يقوض الاجندات الوطنية.
السيادة وبناء الدولة في العراق … احمد الميالي
(Visited 8 times, 1 visits today)