كتب الروائي الاسباني ) دي سيرفانتيس سافيدر ( رواية بعنوان )دون كيخوتي(
تضمنت شخصية )كيكسانو( الذي اطلق على نفسه إسم ) دون كيشوت( ، الذي
تخيل ان هناك تنين وعمالقة يجب محاربتهم ، فحارب طواحين الهواء بدلاً
عنهم ، فخلق لنفسه أعداءً وهميون.
نعم هذا ما حصل في الرواية وإنتهت الى ما إنتهت اليه ، ولكن لو سلطنا ما
حدث فيها على واقعنا لوجدنا ثمة مقاربات فعلية في السياسة الحاكمة ، حيث
أنها لم تتأقلم مع الواقع بل ذهبت الى أبعد من ذلك ، بحيث أوجدت لها أعداءً
وان لم يكونوا ، فتوهم بعض السياسيين أن هناك اعداءً لهم في كل مكان
يجب محاربتهم بنظرية يضعونها دائماً في جدول أعمالهم المعلنة والمخفية ،
ألا وهي ) نظرية المؤامرة ( ، فيعمدون جاهدين الى الضرب دائماً بيد من حديد
من غير رحمة وقل من غير فهم لما يحصل وما هو حاصل ، فتغيرت خريطة
تفكيرهم من الإيجابي الى السلبي ، لانهم يطمحون دائماً الى السلطة الممتدة
وليست الوقتية ، الوراثية لا الشرعية ، وان كانوا يعتقدون ان الوراثة شرعية بحكم
الاسبقية او الأفضلية او عبر ما شئت ، ما حصل في النظام المباد خير شاهد
على ذلك ، واليوم بتعدد الخطوط أصبحت القضية اكثر خطراً وأشد تعقيداً ،
فالمواطن لايعلم مالحقوق التي له بعدما ضُيعت الحقوق ، فأصبح الجزء يمثل
الكل ، طبعاً الجزء السلطوي المستفيد ، بينما المواطن العادي وعذراً لقساوة
الكلمة ، لأن من المفترض أن لايكون هناك مواطن عادي في أروقة الوطن
بحكم السواسية التي أقرها الشرع والقانون ، ولكن في ارض الواقع الإسامي
لاتجد ذلك بل تجد العكس ، السبب في قيمة التفكير المعكوس الذي يسبب لنا
العكس دائماً ، لأن إيجاد حالة صحيحة وصحية بمعنى حقوق وواجبات سيؤدي
الى إنعكاس الصورة من سلطوية فئوية جزئية الى وطنية كلية ديمقراطية ،
وهناك أمثلة في ذلك فمثاً عندما يخدم الوطن موظف أكثر من ثلاثين عاماً
ويستلم الفتات ، ويأتي طفل ومراهق لم يقدم شيئاً للوطن ويتسيد الموقف ،
وتكون له الأولوية ، وعندما يتحدث المواطن العادي يعُده السياسي بأنه عدو
حقيقي ، ولكنه الوهم بعينه ، وعندما تشاهد الأمور تسير بمسار تذليل العقبات
لمواطن قادم من الدولة )أ( أو )ب( بصورة يسيرة ، بينما مواطن الداخل تصعب
عليه وتضاف العقبات ، وعندما يتحدث يعتبره السياسي بأنه عدو حقيقي ، ولكنه
الوهم بعينه ، وأكثر من ذلك عندما تعطي الامتيازات لفئات خاصة وتحجب عن
المواطن العادي ، وعندما يتحدث يُعد عدواً حقيقياً ، وأيضاً هو الوهم بعينه ،
وتبقى طواحين الهواء موجودة في مخيلة السياسي بأن المواطن هو المتهم
دائماً بغض النظر عن أحقيته ، فإقصائه هو الأمر المهم للحفاظ على وجوده
وتواجده لأن ) الغاية تبرر الوسيلة ( ، ووسيلة الإتهام والإقصاء والتهميش واردة
في محاربة الوهم المتهم .
المواطن المتهم و دون كيشوتية السياسة
(Visited 5 times, 1 visits today)