قحطان جاسم جواد
تعرفت على الفنان الكبير ياس خضر في مبنى الاذاعة والتلفزيون عام 1989 حين كنت مراسل مجلة الف باءفي الاذاعة,بعد تسريحي من خدمة الاحتياط التي طالت لعشر سنوات. كان ياس نجما كبيرا وشهرته انطلقتفي عنان السماء لصوته الغريد الذي لايشبه صوتا اخر غيره.كان انسانا بسيطا لم يتكبر على احد بل صاحبمعشر لطيف ومتواضع جدا. اجريت اول حوار لي معه لحساب مجلة الف باء حيث كنت اعمل.وكان حواراممتعا وجميلا تحدث فيه ياس عن حبه الجديد الذي جعله اسيرا وعاشقا .كما قام بتسمية المطربين حسبمكانة اصواتهم وهم جيل الاغنية السبعينية فقال(انهم ياس خضر اولا وحسين نعمة ثانيا ثم فاضل عوادواخير سعدون جابر). كماتذكر اصدقاءه من الفنانين لاسيما الفنان سلمان المنكوب وقال عنه فنانكبيرواحترمه كثيرا و صاحب صوت وتجربة متميزة في الغناء العراقي ,كنت ازوره كثيرا في منزله بمدينةالثورة .كما تحدث عن دعوات عديدة من الكويت لتسجيل اغانيه في اذاعة وتلفزيون الكويت علما انه كانمقيما في السابق في الكويت لست سنوات، وتجدد الحديث عنها عندما زاره السفير الكويتي في بغداد. والفنان ياس من هم مطربي العراق الذين يغنون من االوحدة الكبيرة وهذا يتطلب حنجرة واسعة تتقنالانتقالات الموسيقية بين الانغام وهو مايتوفر في صوته، لذلك كان الفنان الراحل طالب القرة يهتم به جدا لانهيحظى بهذه الميزة الكبيرة في صوته,اذكر انني سألت القرةغولي ذات مرة في دمشق حين كنا هناك ايامالطائفية, قلت لماذا تحب ياس وتميل اليه اكثر من بقية المطربين وتعطيه افضل الالحان. فرد طالب محتدا ليسصحيحا ماتقول وانا لااميز بين المطربين والسبب الاساس لحصول ياس على افضل الالحان هو ان طبيعةصوته ومميزاته وقدرته على غناء الوحدات الكبيرة
(اكثر من اوكتافين ونصف )هو الذي يؤهله لنيل افضل الالحان واقواها وليس هناك سبب اخر.كما قال ياسعن ذكرياته عن اغنية البنفسج هي من الحان الكبير طالب القرة غولي و شعر مظفر النواب واشار انها تذكرهبالقفزة الكبيرة التي حققها في مشوار الاغنية بعد أدائه لها , كانت طفرة كبيرة في الثمانينات . ويؤكد انهااصعب أغنية لهما ( هو والقرة غولي) وتأخر تسجيلها لستة شهور بسبب صعوبة إتمام اللحن وحفظه لانهفيها انتقالات موسيقية صعبة وألحانها متعددة . فقلت لكن شاعرها النواب كان ممنوعا من تداول اسمهاواشعاره فرد ياس: كنا نعرف بذلك وحسبنا انها ستمنع مستقبلا..وفعلا بعد تقديمها ببرهة من الزمن تممنعها ، ليس لاني مطربها اوالقرة غولي ملحنها ,بل لان شاعرها هو قامة الشعر مظفر النواب الذي كانتالسلطة لديها موقف سياسي منه. ثم استفسرت منه عن من هو الذي منعها؟فقال والله لااعرف فقط ابلغونابالمنع! في اخر حديث لي معه سألته وهل غنيت بعدها اغنية بنفس قوة الاداء واللحن؟فقال نعم غنيت اغنيةحن وآنة حن وهي ايضا اغنية قوية ومهمة في مسيرتي الفنية . واضاف :امنيتي حج بيت الله الحرام فكنتكلما انوي تحدث لي مشاغل عائلية او فنية او يهدني المرض لاسيما مرض البروستات الذي تطلب غير عمليةللشفاء منه,كذلك حد من نشاطي عملية القلب المفتوح وتبديل شرايينه المتعبة.كما اذكر ان ياسا جاءني مرةالى مكتبي في مجلةالف باءفي عام 2001 وكان منزعجا لعدم اهتمام الاعلام بفوزه بجائزة الاغنية العربيةفي البحرين,ومعه الجائزة والوسام والشهادة واجرينا حوارا عن ذلك بعد ان طيبت خاطره وصورنا الزميلالعزيز سمير هادي صورة مع الجائزة مازلت احتفظ بها لحد الان. واذكر مرة كنا في دمشق ايام الطائفيةالمقيتة وهروبنا من الموت المحقق ,التقيت بصديق لديه مطعما في منطقة جديدة عرطوز قرب مصايف بلودانوالزبداني حيث كنت اسكن. وكان الفنان ياس خضر مدعوا لاحياء الحفل وراح صاحبي يحدثني عن صداقتهلياس فقلت له انا ايضا صديقه فرد علي سبيل المزاح سترى حين يحضر بمن سيهتم بك او بي.وجاء ابا مازنللحفل ولان الطاولة التي جلست عليها تقع مقابل باب الدخول التقينا انا وياس بمجرد دخوله وعانقني وقال(انت هارب ايضا من العراق وجلس بجانبي واخذنا الحديث الى ذكريات متعددة, ونسى صاحب المطعم الذيجاءنا مهرولا ولسان حاله يقول (شنو نسيتنة ابا مازن) فقال ياس لاوالله بس استاذ قحطان صديق عزيز جداوصاحب فضل كبيرعلي. الله يرحمك ابا مازن الصوت المغرد الجميل الذي شكل غيابه خسارة كبيرة للاغنيةالعراقية والعربية.