ينابيع التجديد ونهر الحداثة … محمد صالح البدراني

ينابيع التجديد ونهر الحداثة … محمد صالح البدراني

 محمد صالح البدراني

المنظومة الفكرية

دون شك أن مجتمعنا يعاني من منظومة تنمية تخلف قاسية وجمود في المنظومة الفكرية،فالكثرة من تتحدث عن حالة (مفروض) أن تكون وتعبر عن أمنيات بلا آليات، فلا حديث عنالكيفية، بل إن هذا المفروض المفترض لا يدرك متمنيه ماهيته ، البعض عن حياة إسلاميةوآخر عن حداثة؛ لا نستطيع أن نقول إن الأولى كانت مثالية أو معيارية، لكن الحديث فيعصرنا يأتي بتجريد التجربة عن الزمان والمكان، ليس لعجز الفكرة عن التجدد عبر الزمنبل لعجز من يزعم حملها إيجاد ما يجيب على مسائل حاجاته وغرائزه هو قبل أي احد آخر،وانه يريد أن يتجاهل الزمن والانقطاع والتطور المدني وما ارسى من نظم مؤثرة وفاعلةوهذه النظم الحديثة نفسها تعاني من ازمه أخلاقية وتحتاج إلى إصلاح، فنجد البشريةاليوم في فوضى منظمة إن صح التعبير أو متجاهلة لان أفكار الحداثة والتي هي فيالأزمة الأخلاقية التي تنتقص من معنى حياة الإنسان رغم الخدمات المتاحة التي تغطيتصدعات النظام، الذي فيه مشكلة أساسية في نوع العلاقة بين الإنسان والقانون.

 تجاوز فهم الحداثة الجغرافي من بعض القوى العالمية مع استطالة لفرض قيمه على أممأخرى بشكل سلطوي، ولطالما لاحظنا أن الدول الكبرى كالولايات المتحدة مثلا تطالب الدولالأخرى بمعايير حداثية لكي تحصل على مساعداتها وتتجاهل المعايير الحاكمة في تلكالبلاد وما يحكمها من الروابط العشائرية والعادات والتقاليد التي تخالف حتى عقيدةالناس انفسهم وشريعتهم أحيانا  وأضحت حاكمة لا تستطيع السلطات تجاهلها، الغرضمن هذا المثل أن الأفكار الوضعية الحداثية تحولت إلى التقديس باستناد لإيمان بفكرةمركزية ربما هنا سيادة القانون الذي كان ينكر ويجرم حالة شاذة قبل تحققها على الواقعفتحولت إلى واقع لوجودها وليس لماهيتها ولغياب التشريع الذي يعالجها المرتكز علىالماهية لتعارضه مع ثوابت قانونية أخرى كالحريات وتعريفها القانوني.

نقل الحداثة وابتزاز الشعوب:

عندما تحاسب دول لمخالفتها ما أقرته الحداثة باعتبارها معيار أو يطلب المنبهرون تطبيقاقتصاد نظام شيوعي أو رأسمالي، فهم ينقلون المظهر والمفردة وليس كامل النظام، وهذاالنظام لو فكر من يتحدث سيجده فيه أدوات ترقيعه، لذا نجد أن الدول التي تتحول إلىالرأسمالية في ربط مع الديمقراطية الشكلية تسجل فشلا وترتكز على الشعب في عمليةابتزاز رهيبة، كما أنها تذهب للتفكك والفقر لدرجة العوز فما سينقل عمليا قشرة وليسجوهر النظام الذي لا يمكن نقله لأنه نظام أتى بالمنهج العلمي والتجربة والترميم وليسوفق منظومة فكرية ايدلوجية قيمية تحمل سمات إيمانية تتفاعل مع النفسية البشرية.

التقديس للأفكار

التقديس للأفكار لا تنحصر بقوم فالإنسان دوما يحاول أن يرتصف إلى خلاصات أو ما هوثابت ظنا أن الحقيقة تعني الإطلاق بينما لا يوجد حقيقة مطلقة في التداول البشري وإنماحقائق تتوالد عن حقائق تتماهى مع الأبعاد الكونية الزمان والمكان، وانعكس هذا علىالإحساس بالتفوق وامتلاك الحقيقة كالتي نجدها في كتابات الفلاسفة والمفكرين،وأحدثهم فوكو ياما في كتبه ومنها نهاية العالم على سبيل المثال.

أزمة الأفكار

ربما اتفق مع مالك بن نبي أن معركة صفين كانت معلم الأزمة الفكرية، لكن لهذا تفسير كبيرلا يسعه هذا المقال، وان كان التفصيل ليس حكما على الحدث ذاته وإنما ما أدى إليه غبرزمن ابعد، وان اردنا توضيحه سنحتاج  فصل في كتاب، لكن أردت من هذه الجملة جسراللتحول مباشرة إلى حقيقة أننا نحتاج إلى جهاز معرفي جديد، وبشكل أدق إعادة تركيبالجهاز المعرفي ليقوم بمهامه في الزمن الحديث ليعالج مشاكلنا، نحن نعلم النصوصالمنبع، لكننا لا نوجه المنابع لنهر رقراق وإنما نوجهها إلى نهر خابط فلا تغير شيئا بلسيتلوث ماءها هي وربما تكون افسد من غيرها، نحن نحتاج إلى الواقع ودراسة سلبياتهومعرفة ماهية كل شيء قبل أن نقرر ما هو المطلوب مسبقا ونأتي به جاهزا فلا نراه مناسباعلى فصال جسد الأمة الذي ترهل فلم تعد تلك المقاييس ملائمة له، وإنما نذهب إلى المعيارالأساس لنتدارس المقاييس الملائمة للجسد الجديد وكيفية ستر معالجة افتضاح عورتهفالقوالب الجاهزة لا تحل مشكلة الامم.

خلاصات فلسفية

إن اليقين بامتلاك الحقيقة وهم لا يقود إلى الثقة بالنفس وإنما يعطل أدوات التجديد، ولايبني جسورا بين الروابط الهابطة المسيطرة على مجتمعنا وإنما يتركها في فوضىيقودها الجهل ليبني حواجز وخنادق لتكون بيئة الأمة ساحة تراشق وأفكار طوباوية لاتؤدي إلى البناء.

وكمنطق يحتمل صيغة القانون أن الروافد من ينابيع الصلاح لن تكون تيارا مؤثرا ليشقنهرا صافيا لا يختلط بعكوره ما لم يك دولة تفتح أفق التكاتف من اجل الإصلاح، فان كاندولة وتغيرت المعايير عندها يمكن الحديث عن منظومة قيمية محتملة الظهور للواقع

 

(Visited 51 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *