سرية وغموض صفقة القرن …. عارف العضيلة

سرية وغموض صفقة القرن …. عارف العضيلة

**شمال شرق

*عارف العضيلة
خطة ترامب للسلام التي فضل أن يسميها مؤلفها وكاتب الحوار والسيناريو “صفقة القرن” في إشارة منه إلى أنها أهم أحداث القرن .. وأنها ستنهي الصراع السياسي الأطول في التاريخ.
رغم إنحيازه الظاهر والواضح والمكشوف إلى “إسرائيل” ورغم الخدمات الجلية التي قدمها لهم .. إلا أنه أراد أن يكون أحد صناع سلام الشرق الأوسط.
فأطلق خطته الأكثر سرية. بين كل خطط السلام العربية – الإسرائيلية بل باتت هي الخطة الأكثر جدلاً والأكثر رفضاً ..
ظهر مصطلح صفقة القرن أواخر العام 2017م. دون أن تظهر هذه الصفقة بكل مكوناتها للعالم .. لكنها بقيت حبيسة الأدراج والمكاتب وقاعات التفاوض شديدة السرية ..
حدث لغط وجدل كبير بشأنها .. مما جعل الرئيس ترامب وأعضاء إدارته المتحمسين للصفقة بقيادة صهره وكبير مستشاريه اليهودي كوشنر لإحداث عدة تغيرات وتعديلات على هذه الخطة ..
ورغم التعديلات إلا مضمون الخطة وتفاصيلها بقيت طيء الكتمان الشديد إلا من بعض التسريبات التي ظهرت عمداً لقياس مدى القبول والرفض العالمي والعربي تحديداً لها ..
بالتأكيد كان الجانب الإسرائيلي متحمساً لها أما الجانب العربي فقد تباينت درجات تقبل هذه الخطة من الرفض الشديد بها إلى التحفظ عليها ..
وإن كانت غالبية العرب قد أعلنوا أنهم مع الموقف الفلسطيني وداعمون له مع ضرورة أن تكون خطة السلام العربية هي منطلق أي عملية تسوية في هذا الشأن ..
أما الموقف الفلسطيني فقد كان رافضاً للخطة منذ بدايتها .. ولم يتغير موقفه رغم التعديلات والإضافات والتحسينات والتغيرات التي كانت تجرى على الخطة تباعاً .. وبمراحل زمنية مختلفة.
ورغم الضغوط الشديدة التي مورست على الجانب الفلسطيني إلا أن موقفه كان صامداً وثابت ..
وهذا يعطي دلالة أكيدة على قوة ومتانة الموقف الفلسطيني .. هذه القوة والتماسك شجع الجانب العربي إلى الوقوف مع الفلسطينيين برفض هذه الخطة جملة وتفصيلاً ..
مما أدى إلى موت سريري للخطة .. رغم محاولات ترامب وفريق عمله لإنعاشها. لتموت بشكل تام مع مغادرة الرئيس ترامب لكرسي الرئاسة.
ورغم تعدد الوسطاء وتعدد الخطط وكثرة محاولات التسوية إلا أن “المبادرة العربية للسلام” التي أقترحها وتحمس لها ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ومن ثم أقتنع بها كل العرب وتبنوها في القمة العربية المنعقدة في بيروت عام 2002م. تبقى هي المبادرة الأشهر والأهم والواضحة .. والأكثر إنفاقاً بين كل دول العالم وذلك لأنها تنطلق من قرارات مجلس الأمن الدولي.
وفي المقابل تكون مبادرة ترامب هي الأكثر غموضاً والأكثر معارضة .. وإلى اليوم ورغم أنها باتت من التاريخ لم تظهر تفاصيل هذه الخطة مطلقاً.
وليست مبالغة إن قلنا أنه لم يقبل بها سوى الإسرائليين فقط.
من الطرائف المضحكة والمبكية في أن معاً في هذه المبادرة أنها تنص على قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس. ولكن ليست القدس التي نعرفها .. بل يؤسس مكان محاذي من القدس ويسمى القدس .. بينما القدس المعروفة ستبقى مدينة موحدة وعاصمة للإسرائليين.
ومن طرائف وعجائب هذه الخطة أيضاً أن الفلسطينيين كافة الفلسطينيين المقيمين في الدولة المستقلة (حسب رأي الخطة) يجب أن يكونوا منزوعي السلاح .. سواء كانوا عسكريين أو مدنيين.
فغير مسموح لأي فلسطيني كائناً من كان حمل أو إقتناء أي سلاح.
ولأنه رجل أعمال وجاء للسياسة من بوابة الاقتصاد فقد ركز ترامب في خطته على الجوانب الاقتصادية مقدماً أسس إقتصادية سيتمكن الفلسطينيين من الحصول عليها وكذلك فرص عمل مليونيه ستولد لهم. إذا وافقوا على هذه الخطة الظالمة.
ونسى أو تناسى أم الاقتصاد لا ينمو ولا يستقر إلا بوجود إستقرار سياسي ..
بقي الإشارة هنا إلى إن خطة ترامب للسلام والتي كان صاحبها يتباهى بها ويصنفها أنها الخطوة الأكثر حيوية والأكثر جدية .. قد جند لها الكثير من المؤتمرات التعريفية والتشجيعية التي دعا لها عدداً من الساسة. ومن أجلها أعلن عن مشاريع إقتصادية عملاقة ستظهر شريطة الموافقة على هذه الخطة.
ولكنها تلاشت أو أنعدمت .. بسبب الرفض الفلسطيني والعربي القوي لها .. لأنها زبد لا ينفع مصداقاً لقول الله تعالى: ((فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ))

كاتب سعودي – الرئيس التنفيذي لدار مصادر للدراسات والأبحاث الإعلامية
للتواصل تويتر / @msader16

(Visited 32 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *