الخبز، الحرية والعدالة – محمد عبد الجبار الشبوط

الخبز، الحرية والعدالة – محمد عبد الجبار الشبوط

محمد عبد الجبار الشبوط

يبدو من دراسة نشرتها مجلة “Foreign Affairs” الاميركية في عددها الاخير ان اهتماماتالناس الذين استطلعت اراؤهم في ١٢ دولة عربية من بينها العراق تتمحور حول ثلاثكلمات هي: الخبز ، الحرية، والعدالة. مع تفضيل واضح لمفردة الخبز. وهذا يعني انتحسين الشروط المادية للحياة يمثل اولوية بالنسبة للانسان في هذه الدول. ونحن نشعربهذا بوضوح في العراق. فالناس الذين شاركوا في التظاهرات الاحتجاجية كانوا يطالبونبذلك، بعد ان شعروا ان الدولة التي ينتمون اليها لا تشبع بطونهم الخاوية. العراق منالدول التي تبلغ فيها نسبة الفقر درجة مخيفة من الناحية الاخلاقية الانسانية، ومنالناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، رغم غناه من حيث الثروات الطبيعية. لقداثبتت تجارب الحياة ان الفقر يؤدي الى تطورات دراماتيكية سلبية في المجتمعات التييعاني منه. وفي دولة كالعراق، فان الفقر ليس نتيجةً لقلة الموارد، وانما بسبب سوء الادارةلهذه الموارد. وسوء ادارة الموارد يعني: عدم الاستثمار الجيد، وعدم العدالة في التوزيع. وهذا يؤدي الى تراجع الاهتمام بالديمقراطية، وتفضيل ذلك النوع من الانظمة الاقلديمقراطية والاكثر توفيرا للخبز. فلو سئل الناس عن اي شيء يفضلون اكثر، الخبز امالديمقراطية، لكان جواب الاغلبية منهم: الخبز. ولهذا نجد ان ميل الاغلبية من الناس فيالدول الاقل توفيرا للخبز يتجه الى الصين، بالمقارنة مع الولايات المتحدة، هذا رغم انالصين يحكمها حزب شيوعي ينفرد بالسلطة، ولا يجري فيها تداول السلطة سلميا عنطريق الاليات الديمقراطية، لكن ما يسترعي انتباه الانسان الجائع والفقير ليس غيابالديمقراطية، وانما نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي الذي بلغ في الصين  2194 دولارًا في عام 2000 ليصل إلى 10431 دولارًا في عام 2020. ولهذا يفضل 51 في المائةمن العراقيين تقوية العلاقات مع الصين ، و 43 في المائة مع روسيا، و 35 في المائة فقط معالولايات المتحدة. وهذا يعني ان مؤشر نجاح اية حكومة في العراق سيتمثل في المقامالاول في قدرتها على التخلص من الفقر والجوع، ومن ثم توفير الحرية والعدالة. ولكن تدلخبرة السنوات الماضية على ان الطبقة السياسية الراهنة غير قادرة على تحقيق ذلكلاسباب تخصها هي بالذات، وفي مقدمة هذه الاسباب: الفساد وقلة المعرفة وعدم الكفاءةوعدم توفر الارادة السياسية. وهذا ما يجرنا الى القول ان القضاء على الفقر والجوعمرتبط باستبدال الطبقة السياسية الراهنة باخرى تتوفر فيها صفات النزاهة والكفاءةوالارادة السياسية والمعرفة العلميةالاقتصادية اللازمة. وهذه هي من خصائص الادارةالحكومية الرشيدة في الدولة الحضارية الحديثة.

(Visited 9 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *