**شمال شرق
عارف العضيلة
مائة عام بالتمام والكمال مرت .. عقد زمنى مضى على بداية العصر السياسي الحديثللعرب. على إعتبار أن إستقلال وبالتالي نشأت أول دولة عربية مستقلة كان البداية .. وأولالعرب المستقلين هي مصر سنة 1922م.
ولكن وخلال مائة عام سابقة ماذا تحقق للعرب من مكتسبات؟!. وماذا حقق الساسة العربلأمتهم؟!. وكيف كان وضع العرب قبل مائة عام؟!. وهل وضعهم في مئويتهم السياسيةالأولى أفضل مما قبلها؟!.
بالتأكيد لم يكن للعرب وجود سياسي قبل مئويتهم الحديثة الأولى المبتدية بالعام 1922مولمدة خمسة عقود سابقة أيضاً. أي بعد سقوط الدولة العباسية وسقوط إمارات العرب فيالأندلس ..
فقد عاش العرب تحت قيادة الحكم العثماني .. ونتيجة لصراعات الأقوياء .. تقاسمالإنجليز والفرنجة والطليان الأراضي العربية. تحت مسميات مختلفة (وصاية – إنتداب – إستعمار – إحتلال) وأن كانت في مجملها تلغي حالة الوجود السياسي للعرب ..
ظهرت عدة محاولات عربية لظهور كيانات عربية سياسية قبل بدء المئوية الأولى أبرزهاالثورة العربية الكبرى .. وقيام الدولة السعودية الأولى والثانية والتي تم إسقاطها بطريقمباشر من قبل الأتراك ..
بعد العام 1922م تغير الوضع تماماً .. وبات العرب جزءاً من الخريطة السياسية العالميةبها يؤثرون ويتأثرون صار لهم وجود وحكام وتمثيل عالمي ودول ذات سيادة وحدود أي أنالوضع السياسي العربي الحديث ليس سيئاً في مجمله بإتفاق الجميع بما فيهم أشدالعرب تشاؤماً .. أما العرب المتفائلون في الوضع السياسي فحتماً لن نجد أحد ..
وبإستعراض المائة عام الماضية من التاريخ السياسي الحديث يمكن أن نلخص الفترةبعدة مراحل كل مرحلة من هذه المراحل لها ميزانها ومكتسباتها وخسائرها ..
– مرحلة التأسيس والتكوين. المرحلة الأولى والتي تبدأ من العام 1922م وتستمر لمدةثلاثون عاماً .. أبرز سمات هذه المرحلة أنها هي المرحلة التي شهدت التكوين السياسيللعرب في عصرهم الحديث .. وبدايات الوعي بضرورة إيجاد صيغة مناسبة للوحدةالعربية والتضامن والعمل العربي المشترك والتي كانت (جامعة الدول العربية).
حمل لواء هذه المرحلة مصر والسعودية ثم انضمت بقية الدول العربية الخمس المؤسسةللجامعة ..
كان أبرز منجزات هذه المرحلة الدعوة إلى إستقلال كل الدول العربية .. وتأسيس جامعةالدول العربية. والمواجهة العربية الأولى مع العدو الإسرائيلي ..
– المرحلة الثانية. يمكن أن توصف بأنها مرحلة توحيد الزعامة العربية. تبدأ هذه المرحلةفي العام 1952م حيث كانت ثورة الضباط الأحرار في مصر السلسلة الأولى من ثوراتالضباط العرب التي تلاحقت .. وتستمر هذه المرحلة حتى وفاة الرئيس جمال عبدالناصر1970م ..
ظهر في هذه المرحلة زعامة عربية واحدة أحتكرت كافة الشؤون السياسية العربية بل وغيرالسياسية أيضاً ..
تمثلت بالرئيس عبدالناصر .. الذي ظهر كزعيم عربي قوي أجمعت عليه الشعوب العربية..
تميزت هذه المرحلة بظهور الثقل السياسي العربي وإرتفاع درجات التأثير على الصعيدالدولي. ونفذ خلال هذه المرحلة الكثير من الحركات السياسية والميدانية والتي كان لها دورمهم بأن جميع الدول العربية قد حصلت على إستقلالها.
في هذه المرحلة تغيرت الخريطة الجغرافية العربية وكذلك تغيرت الخريطة الجيوسياسيةالعربية بفعل ثورات الضباط المتلاحقة. التي بدأت بالعراق وأنتهت في ليبيا.
أرتفع الشعور القومي العروبي في هذه المرحلة وبات العرب في تضامن قوي .. وواجهواعدة أزمات ومخاطر كبرى أبرزها سقوط إمارة زينجبار والهزيمة العربية الكبرى عام1967م .. وأنتهاءاً بأحداث أيلول الأسود الذي كان ختام المرحلة الثانية من مراحل القرنالسياسي العربي الأول.
– المرحلة الثالثة .. يمكن أن نصنفها أنها مرحلة إعادة التوازنات تبدأ بالعام 1970م. لتستمر لمدة عشرين عاماً ..
بعد وفاة عبدالناصر وعجز الرئيس أنور السادات أن يملأ مكانة عبدالناصر .. ظهرت عدةزعامات عربية تتحدث بأسم العرب وترفع ذات الشعارات التي رفعها عبدالناصر وتعملوفق ما كان يعمل به عبدالناصر .. شهدت هذه المرحلة تنافر عربي – عربي وأزدادت حدةالخلافات العربية.
حتى شهد الربع الأخير من هذه المرحلة عودة فعلية للتضامن العربي والعمل العربيالسياسي المشترك بدايتها في قمة عمان الطارئة في 1987م .. والتي رفعت شعار ضرورةتنقية الأجواء العربية وإنهاء الخلافات وإعادة العلاقات السياسية والدبلوماسية بين كلالدول العربية .. ومن يومها تحسن كثيراً الواقع السياسي العربي ..
شهدت هذه المرحلة أيضاً ظهور كيانات سياسية غير جامعة الدول العربية تجمع العرب .. لكنها لم تغني مطلقاً عن جامعة الدول العربية (بيت العرب الكبير).
تنتهي هذه المرحلة في الأول من أب أغسطس عام 1990م ..
– المرحلة الرابعة. وهي مرحلة ما بعد الثاني من أب أغسطس 1990م .. مرحلةالإنكسارات العربية ..
توالت في هذه المرحلة المصاعب والصعاب على الواقع السياسي العربي رغم وجود بعضالمحاولات لإنتشال العرب من هذا الواقع الشديد السوء أبرزها محاولات دول المحورالعربي (السعودية – مصر – سوريا) مرت أحداث جسام جداً وخطيرة في هذه المرحلةبدايتها الغزو العراقي للكويت وما تبعه من أحداث ثم الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 م.. وأحداث الربيع العربي وويلاته عام 2011 .. والعديد من الأحداث السيئة والصعبة.
أبرزها الإعتراف الأمريكي بالسيادة الإسرائيلية على القدس والجولان.
وحالياً لا يبدوا أن هناك مستقبل عربي أكثر إشراقاً لا سيما أن هناك لاعبون أقليميون باتلهم أدواراً داخل الخارطة العربية .. رغم حساسية العرب من التدخل الإقليمي في شؤونهمالخاصة.
لكن الأمل بالله ما زال كبيراً .. وحتماً ستكون للعرب وقفة قوية وصادقة تعيد لهم مكانتهمالتي أفتقدوها ..
ورغم سوء الواقع العربي إلا إن التأثير العربي ما زال موجوداً في الساحة الدولية أبرزهاأستضافت العرب ثلاث أحداث دولية شديدة الأهمية خلال فترة زمنية وجيزة وهذا يعطيالدلالة الكبرى على الثقل العربي رغم الإنكسارات.
فأستضافت السعودية قمة العشرين عام 2020م. وهو الحدث السياسي العالمي الأبرز.
وأستضافت الإمارات معرض أكسبو 2020م وهو الحدث الاقتصادي العالمي الأكبر.
وتستضيف قطر تصفيات كأس العالم 2022م وهذا الحدث الرياضي العالمي الأشهر.
وختاماً بقي القول أن قضية فلسطين كانت هي الحاضر الأول في كل مرحلة من مراحلمئوية العرب السياسية الأولى.