مواويل جنوبية
عبدالسادة البصري
في فيلم ( اللعب معالكبار ) يبدأ الفنان عادل إمام بكشف الفاسدين والقتلة عن طريقصديقه حسن ، الذي يؤدي دوره الفنان الراحل محمود الجندي حيث يكتشفهم عندالتخابر فيما بينهم كونه يعمل في الشبكات السلكية ، وحينما يسأله ضابط الأمن الذييؤدي دوره حسين فهمي :ــ كيف عرفت ذلك ؟! يجيبه :ــ عن طريق الحلم !! وتتوالىالأحداث ويخضع عادل للتحقيق والتعذيب من قبل ضابط أمن آخر ليعترف بالحقيقة ،فيصرّ على إجابته :ــ الحقيقة كنت أحلم ، أنا دائما بحلم !! ويتحمل التعذيب كي لا يشيبصديقه الذي يعطيه المعلومات ، وبدوره يوصلها للضابط فيقع الفاسدون والقتلةوالإرهابيون في الفخ ، ليلقى القبض عليهم ، لكن عند اكتشاف أمر صديقه حسن من قبلالرؤوس الكبيرة للفساد يُقتل ، وحين يصل إليه في النهاية ويجده مقتولا يصرخ بقوة :ــأنا حَحْلم ،، حَحْلم !!
استذكرت هذا الفيلم الآن ونحن نعيش أيامنا كلها منذ الولادة بالأحلام التي نتمنى أنتتحقق ذات يوم !!
حَلُمْنا أن يسقط النظام الديكتاتوري الفاشي ونتنفس هواء الحرية ونحقق أحلامناالبسيطة جداً والتي لا تتعدى العيش الكريم والملاذ الآمن والسكن اللائق والمريح والوظيفةأو فرصة العمل والتعليم الجيد والفحص والعلاج المتوفر بدرجة ممتازة والخدمات بكلأشكالها من ماء وكهرباء وطرق معبّدة وعمران وعلاقات محبة مع الجميع !!
وسقط النظام غير مأسوف عليه ، لكن لم تتحقق أحلامنا أبداً ،بل ساءت الأمور أكثر ،فانعدم الأمن والأمان وانتشر الرعب والجريمة في كل مكان وسالت الدماء في الشوارعوانتهكت الحرمات ، بل سُبيت النساء وبيعت في سوق النخاسة ، ونخرت الطائفية المقيتةفسيفساء المجتمع العراقي وعاثت سوسة المحاصصة والفساد في كل مفصل من مفاصلالحياة ، فتردّت الخدمات والتعليم من سيء إلى أسوأ ، وصار الحاضر بائساً والمستقبلغامضا ومجهولا !!
هبّ الشباب بثورة جبّارة مطالبين بتحقيق جزء من هذه الأحلام إن لم يكن كلها ، وإعادةالحياة إلى الصناعة والزراعة والتجارة ،لكن قوبلت ثورتهم ذات الصدور العارية إلاّ منالأمل والحلم الوردي بالرصاص فتخضّبت الشوارع والساحات بدماء فتية آمنوا بالوطن ،وصار شعارهم وهتافهم وحلمهم :ــ نريد وطناً ، وطناً حراً ، وعيشاً بكرامة !!
ولأن نشيدهم اليومي هذا ــ أقصد الوطن ــ بات حلما أساسياً للجميع في كل لحظة لهذاسنظل نصرخ :ــ نحن حنحلم ، حنحلم ،، حنحلم ،، حتى يتحقق هذا الحلم ، لأنه ليس لناسوى الحلم في هذه الحياة !!