جاسم مراد
ثمة تنافسات وتناقضات في كل البيوت المذهبية ، ليس للدولة حصة فيها ، فالبيتالشيعي كما يطلق علية لايحتاج الى توصيف الانشقاقات التي تنخر اركان كيانه ،والسني وان اتفقوا وكذلك الكردي هما الاخران تمنعهما المصلحية والانانية السياسية منالاتفاق على صيغة مشتركة ، وكل ذلك يدور حول المناصب والمصالح الذي طغت علىتركيبة النظام منذ الغزو العسكري للعراق حتى هذه اللحظة .
الدولة العراقية ومصالح الشعب هما الوحيدان الخاسران مما يجري بعد كل انتخاباتبرلمانية ، وهذا الأمر يؤكد بأن كل سنوات الإخفاقات في الحكم ، وكل التضحيات التيقدمها الشعب على طول السنوات الماضية ، لم تكفي للمراجعة وإيجاد صيغة لبرنامجعمل يمكن أن ينهض بالبلاد ، ويستجيب لنسبة معينة من مطالب الشعب ، وهي مطالب لاتتجاوز الحقوق المشروعة لأي شعب .
اجتماعات التنسيقي والصدريين في بغداد ، ثم انتقالها للحنانة في النجف لم تفضي الىصيغة عمل للحكم ، وشروط الاستجابة للمطالب الشعبية ، وإنما تغلب عليها سياسة فرقتسد ، أي عزل كيان مهم من التنسيقي ، والاتفاق مع اخرين ، وهذا ما رفضه التنسيقيحسب المعلومات المرشحة عن الاجتماع ، لذا ذهب الصدريون الى أربيل والانبار بغيةالحصول على قوة دعم لتشكيل الحكومة ( الوطنية ) عبر الكتلة الأكبر .
اما الكرد والسنة مثلما يوصف في أدبيات وسياسات ومواقف هذه القوى ، فأمرهمالايختلف عن الشيعة فكل طرف منهما يريد الاستحواذ على رئاسات البرلمان والجمهورية ،والخلاف قائم بين تقدم بقيادة الحلبوسي وعزم بقيادة خنجر ، فيما لم يتم التوافق بينالحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني على منصب رئاسةالجمهورية ، (وهنا لو تم سؤال الشارع العراقي عن رغبته في اختيار الرئيس لقال نريدعودة برهم صالح للرئاسة حيث طيلة فترة حكمه تميز بانحيازه لعراقيته وبتسويةالخلافات وطنياً وتضامنه مع المطالب الشعبية ) .
إذن في ظل هذه الأوضاع لا أحد يستطيع القول بأن التجارب المريرة التي عاشها العراقوشعبه من نظام المحاصصة وتوزيع الحكم على المذاهب والعرقيات يمكن أن يغادر البلادرغم كل مايقال ويشاع ، فنظام الحم الوطني له شروطه واليات عمله ، وهذا لم يحصل علىوفق المشاورات الجارية والمطالب المطروحة لتلك الكيانات ، وهي بالضرورة لم تغدو أنتغادر المحاصصة مهما قيل ويقال .
إن بناء الدولة على وفق مؤسسات مدنية عاملة ليست في وارد تلك الكيانات ، وإقامةسلطة وطنية بكفاءات وطنية مشهود لها بالنزاهة والانتماء وصدق الأداء ليست هي ايضاًمطروحة على طاولات البحث ، فما دام الأمر بدأ بالمذاهب والعرقيات وينتهي بمصالحالكيانات ، فأنه ليس للدولة مصلحة بذلك .
التحالفات السياسة حالة مشروعة بين كافة القوى ، وهذا الوضع معمول به في كافة دولالعالم ، وهو حالة صحية سيما إذا طرحت البرامج التطويرية الاقتصادية والثقافيةوالتنموية وكانت مصلحة الشعب والمشروع التقدمي له الأولوية ، ولكن تصبح التحالفاتعلى قاعدة المحاصصة والمذاهب حالة مرضية مزمنة تشكل يقيناً عوامل تفريق للمجتمعوتهديم لما بقي من كيان الدولة التي اوسست منذ بدايات القرن الماضي .
يخطأ من يظن بأن التدخلات الخارجية ليست لها اليد في تركيبات السلطة ، ويخطئايضاً من يتصور بأن الاتكاء على الخارج يمكنه من الاستقلالية ، فكلا الحالتين هما تحتمجهر الشعب والنتيجة حتماً ستكون راهناً أو بعد فترة لن تطول في قاعة القضاءالشعبي .