رسول مهدي الحلو

رسول مهدي الحلو

الحنين إلى العبودية..

 

يتصوّر البعض إن العبودية تقتصر على الأشخاص الذين ينتمون إلى عرق خاص أو لون خاص وفق المنظور التراثي مع أن حقيقة الأمر كل الناس أحرار بالأصالة وما الاستعباد إلّا عارض من عوارض الحياة لحق بفئة من الناس لها عرقها ولونها الخاصين.
هذا التصوّر خاطئ بالمرة فالعبودية غير محددة بفئة خاصة أو عرق خاص أو لون خاص بل جميع أبناء البشر يمكنهم إن يكونوا عبيدًا ويمكنهم أن يكونوا أحرارًا من خلال فكرهم ومنهجهم ورغباتهم التي تعكسها مواقفهم،
من هنا تحدّد لنا هذه المواقف عبودية الإنسان أوحريته خصوصًا إذا اقترنت بالتناقضات الحادّة ففي الوقت الذي يريد إن يتخلّص من الظلم يمجّد الطغاة الذين ظلموه وسلبوا حقوقه وجعلوا من حياته كحياة العبيد،
هناك دراسات نفسية تثبت أن الإنسان الذي اعتاد على العبودية أو اعتاد على نمط خاص من الحياة وإن اتسم بالظلم والجور وفقدان الكرامة لايمكنه تقبّل الحرية أو استساغة النمط الحياتي الذي يليق به كإنسان حر وسيد نفسه وصاحب كرامة، بل إنه يعيش حالة الغربة والكآبة بسبب فقدانه للعبودية فهو يريد إن البقاء في دوامة هواجس الخوف والتسلط والذل،

يقول الشاعر أبو محمد الحسن المهلبي:

إِن العبيدَ إِذا أذلَلْتَهم صَلَحوا**
على الهوانِ وإِن أكرمتهم فسدوا.

فهؤلاء العبيد الذين عاشوا أشد الضيم والمعاناة والقهر والهوان لا تُطيق أنفسهم حياةً أخرى وإن كانت بخلاف ما كانوا عليه ويبقون في توق إلى طاغية أو سيد يجلدّهم كل يوم ويدعس على رؤوسهم ويقودهم من هزيمة حرب إلى هزيمة أخرى ومن وحل انكسار إلى آخر.

قال الزعيم الروسي المعروف لينين:
” اما العبد الذي يسيل لعابه عندما يصف راضيًا جمال وبهاء العبودية ويعجب ويفتخر بسيده الذي يجلده فهو عبد حقير نذل”
في ضوء ذلك يتضح لنا إن العبودية لا تقتصر على فئة محددة من الناس وكذلك بالإمكان إن تكون هذه العبودية متوراثة ترثها الأجيال من أسلافها وإن لم تكن حاضرة عهد الطاغية الذي استعبد آبائهم وأجدادهم.

 

(Visited 5 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *