وللبذاءة مستنقعاتٌ ذميمة

وللبذاءة مستنقعاتٌ ذميمة

حسين الصدر

-1-

من الظواهر السلبية استخدام الكثيرين لألوانٍ من الشتائم والطعون بحق غيرهم ، لا بل يقذفون أمهاتهم ولا يبالون ، وكل ذلك لا يسوغ ولا يُقبلُ في موازين الدين والخلق، كما انّه مرفوضٌ أيضا بالموازين الانسانية والاجتماعية والحضارية والقانونية .
-2-

الانسان بنيان الله ،
ولقد خلقه في أحسن تقويم ،
وكرمّه وفضله على سائر مخلوقاته ،
وأَسجَدَ له الملائكة ،
وأرسل له الانبياء والمرسلين مبشرين ومنذرين ليقدموا له المنهج الرباني الذي لا تنتظم الحياة بغيره ليكون في بحبوحةٍ من الاستقرار والازدهار .
-3 –

والعدوان والاعتداء على الناس – وبكل الصور والاشكال – ومنها الاعتداء اللساني مما حرّمه الاسلام ونهى عنه نهياً قاطعاً .
-4-
وهناك من يصلي ويصوم ويحج ويتصدق – ولكنّه لا يتورع عن القذف والسباب والشتائم، غافلاً عن انّه بذلك يكشف عن شخصيةٍ هَشةٍ بعيدةٍ عن الاتسام بالورع .
وبالورع يُعرف الصالحون ، وبه يتميزون .
-5-

ومن روائع النصوص في هذا الباب مارواه عماره الجعفي عن الامام الصادق جعفر بن محمد ( عليه السلام ) حيث روي عنه انه قال :
( كان لأبي عبد الله (ع) صديقٌ لايكاد يفارقه ،
فبينما هو يمشي معه (ع) وَخَلْفَهُ غلامُه ، اذ التفتَ فلم يَرَهْ فكرّر الالتفات ثانيا وثالثا فلم يَرَهْ وفي المرة الرابعة رآه فقال له :
يا ابن الفاعلة أين كنت ؟
فرفع ابو عبد الله (ع) يَدَه فصكَ بها وَجْهَه ،
قال :
سبحان الله تقذف أُمَّه ؟
قد كنتُ ارى أنَّ لك ورعاً ،
فاذا ليس لك ورع .
فقال :
جُعلتُ فذاك إنّ أُمَّهُ سندية مُشْركة فقال (ع) :
” أما عملتَ أنّ لكل أمةٍ نكاحاً ،
تَنَحَ عني ”
يقول عمارة :
فما رأيته يمشي معه حتى فرّقَ الموتُ بينهما .
نعم
انّ عفة اللسان وتطهيره عن كل البذاءات والكلمات النابية هي احدى المفردات الأصيلة في القاموس الاخلاقي الذي حرص الامام الصادق (ع) على تجسيده عملياً في مساره المبارك وهو بهذا يبرز الوجه الناصع لرسالة الله العظيمة ودينه الحنيف .
فطوبى لمن اهتدى بِهَدْيه ، وسار على نهجه ، وأمسكَ لسانه وكفَّ أذاه عن الناس

(Visited 4 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *