تقرير مريم ماجد
انثروا القمح فوق الجبال… حتى لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين
أصبح أسلوب التسوّل سائداً حتى صار ظاهرة؛ فنرى المتسوّلين في الطرقات والأماكن العامّة ينتهجون أساليب متفاوتة فيما بينهم كتقديم خدمات مقابل مبلغ من المال، مثل حمل الأكياس ونقلها إلى المركبة؛ ومسح زجاج السيّارة.
إنّ ظاهرة التسوّل تعزى إلى عدة أسباب من أهمها الفقر والبطالة؛ إلا أنّ هناك بعض الأشخاص الذين يلجؤون إلى التسوّل بدلاً من البحث عن عمل يسترزقون منه.
تتفاوت نظرة المجتمعات للتسوّل بين بعضها البعض، فعلى سبيل المثال يسنّ المسؤولون في الهند عدداً من القوانين الخاصّة فيهم، أمّا في دول العالم الإسلامي فيتمركز المتسولون على أبواب الجوامع وأماكن العبادة وغيرها، وفي الدول الغربية يتجمهر المتسولون في الساحات العامّة والمتاحف وأنفاق المترو وغيرها
يروي بعض الناشطين الاجتماعيين بعض القصص التي تعاملوا معها أثناء عملهم التطوعي قائلين: إن بعض الصبية المشردين وقعوا ضحية لعصابات السرقة والمخدرات، إذ يقومون باستغلال صبية في أعمار صغيرة لتنفيذ عمليات سرقة خفيفة، أو رصد ومراقبة الأماكن التي تريد العصابات سرقتها، كما أن بعضهم يتم استغلاله في توزيع المخدرات إذ لا يتم الشك بهم أو ملاحظتهم لحداثة سنهم، وهو ما يهدد بخطر كبير على مستقبلهم وعوائلهم، وتضيف أن بعضهم يعتبرون أنفسهم مضطرين لممارسة هذه الأعمال المنافية للقانون من أجل إعالة عوائلهم والإنفاق عليهم، لصعوبة الوضع المعيشي للكثيرين منهم.
للتــسول أســباب ودوافـــع كثيرة، تختلــف بــاختلاف العصور والأزمان، ومنها: الفقـر والحاجـة: إذ يعد الفقـر والحاجـة سـببا مـن أسـباب انتـشار هـذه الظـاهرة؛ حيث أن الإنـسان الفقير يسعى مـن خـلال التسول إلى تأمين وسدّ احتياجاته من قوت وغيره. ومنها بطالـــــة: أي عـدم وجـود العمـل أو تركه لسبب ما، مما يدفع العاطل عن العمل إلى الحصول إلى احتياجاته من خلال فعل التسول أو الاستجداء، ومنها: المـشاكل الأسرية والاجتماعية؛ حيث تعـدّ المـشاكل الأسرية، والاجتماعية مــن الأسـباب المعاصـرة للتـسول، فالمــشاكل التي تحـدث فـي الأسـرة، ومـا ينتج عنهـا مـن تفكـك أسـري، كلهـا دوافــع لممارسـة التــسول والاســتجداء، كمـا أن المــشاكل الاجتماعية والأزمـات التـي تحـدث هـي دوافـع لزيادة ظـاهرة التسول.
كذلك تعد الحروب والنزاعات الداخلية سببا مباشرا أو غير مباشر لحصول ظاهرة التسول، ولاسيما (النزوح)، أي انتقال بعض الناس من مكان إلى مكان آخر، بسبب تلك الحروب والنزاعات، مما يتسبب في فقدان مصدر رزقهم، ولا يجدون مصدرا للرزق في مكان نزوحهم إلا التسول والطلب المال من الآخرين. ومنها أن التسول أصبح مهنة لفئة معينة مـن أبنـاء المجتمـع؛ حيث إن هنـــاك فئــة معينة مـــن المجتمــع جعلــت التسول والاستجداء مهنـة يعيشون عليها، وهـي وسيلة لكــسب الـــرزق، فيعلمون أطفـــالهم عليها منــذ الـــصغر، ويتوارثونها جيل بعد جيل، حتـى أصـبحت عـادة وعـرف متأصل عندهم. وقد تكون (ســــهولة التــــسول) في منطقة ما أو بلد ما، مــن الـــدوافع لظهـــور وانتـــشار هـــذه الظــاهرة، إذ إن المتـــسول لا يبذل جهــدا كبيرا فــي فعــل التــسول، وهــذا الفعــل لا يتطلب مستلزمات، فهو مهنة تدر المال، بلا أي مجهود.
فان الحد من ظاهرة تسول الأطفال، والنساء في الشوارع والطرق والأسواق، صحيح أنها مسؤولية المجتمع كله، حيث إن ظهور أطفال، أو نساء، أو معاقين، يلجئون إلى الأماكن العامة، والشوارع الرئيسة، ويتخذونها مكانا للتسول هي مؤشرات سلبية على وجود مشكلات حقيقية في بنية النظام المجتمعي والسياسي والاقتصادي. لكنها مسؤولية الحكومات أساسا، وليست مسؤولية فرد أو جهة بعينها. لماذا؟ لأن تسول هؤلاء -بغض النظر عن الأسباب- أضحى ظاهرة سلبية، تنتشر بسرعة ملحوظة، وهي بحاجة إلى إيجاد حلول واقعية لها، بمعزل عن مسبباتها الأخرى.
وإذا كان الأمر كذلك وهو كذلك، فإن على مؤسسات الدولة المدنية والأمنية أن تكون مستعدة لتلقف مثل هذه الإفرازات المجتمعية السلبية، لا أن تقف متفرجة عليها، وهي تنتشر في مساحات أوسع، وفضاءات أكبر، وتتحول إلى بؤر فساد يصعب استئصالها.
ويمكن إنجاز هذه المهمات من خلال تأليف فريق عمل متكامل من الجهات الحكومية ذات العلاقة في كل منطقة من مناطق البلاد، تتولى إنقاذ هؤلاء الأطفال والنساء وكبار السن من ممارسة التسول والاستجداء من خلال توفير أماكن ملائمة لهم، وتوفير احتياجاتهم من أكل وشرب، وتعليم وصحة، ومال، واحتياجات أخرى لهم ولأسرهم.
وقد اقترح بعض ذوي الاختصاص مجموعة من الحلول يمكن أن تنهي هذه الظاهرة أو تحدّ منها في العراق، وهي كما يلي:
1. على وزارة التخطيط؛ لاسيما الجهات المختصة والدوائر الإحصائية إجراء المسوحات الإحصائية الدقيقة، وبشكل منتظم، وتقديم دراسة كاملة عن الأطفال المتسولين، لغرض وضع الآليات الصحيحة والمناسبة لعلاج هذه الظاهرة.
2. على وزارة التربية؛ إلزام الأطفال على الالتحاق بالمدارس لانتشالهم من حالات التسول، وتشجيعهم على الانخراط في المدارس، لاكتساب الثقافة الصحيحة، والابتعاد عن السلوكيات التي يكتسبها الطفل من الشارع.
3. على وزارة العدل؛ إصدار التشريعات اللازمة للحد من مزاولة التسول، وخصوصاً للأطفال، سواء التسول العلني أو المخفي (البائعون الجوالون في الساحات والطرق العمومية ومراكز العبادة وغيرها)، إضافة إلى التعهد بعدم ممارسة تسول الأطفال ومحاسبة رب العائلة الذي يدفع بأبنائه لامتهان التسول، ووضعه تحت المسألة القانونية.
4. على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية؛ رفع مستويات حصة الفرد الواحد من الدخل القومي، والحد من الفوارق في مستويات الدخل بين الأفراد، وتقليل الفروقات النسبية ضمن برنامج تنموي يساعد على ذلك، كما حصل في كثير من دول العالم والتي كانت تعد من الدول الفقيرة.
5. على وزارة الداخلية؛ القضاء على العصابات الإجرامية التي تستغل الأطفال في مزاولة التسول وأمور إجرامية أخرى. حيث إن هذه الظاهرة الخطيرة تخفي خلفها ظواهر أشد خطراً، منها تجارة الأعضاء البشرية، والمخدرات، والدعارة، واستغلال الأطفال حتى في أعمال العنف. وهذه الظاهرة تهدد النسيج الاجتماعي العراقي على المدى القريب والبعيد.
6. على وسائل الإعلام؛ التوعية الإعلامية الشاملة، وتسليط الضوء على أهم الانتهاكات والمشاكل التي يتعرض لها الأطفال، فضلا عن إبراز الجوانب المضيئة في تأهيل أطفال الشوارع وتحويلهم إلى أفراد نافعين في المجتمع.
مهرب بشر عراقي


بعد ان اصبحت قضية المهاجرين على الحدود البيلاروسية البولندية ، قضية رأي عام ، وتناولها الاعلام بقوة ، كظاهرة
تخفي ورائها الكثير من معاناة الشعوب ،كما تسلط. الضوء على الامان المفقود، والعيش الكريم الذي يبحث عنه الانسان في دول الشرق المبتلى .
لم يمض وقت طويل على قضية المهاجرين حتى اشعلت الحرب بين فرنسا وبريطانيا على خلفية غرق مهاجرين في بحر المانش
لكن ما يلفت النظر في هذه القضية هو ان اغلب الهاربين من الجحيم هم عراقيون وسوريون ، مما يستدعي الوقوف عند اسباب هذه الظاهرة وشبكات التهريب التي تصور لهم الهروب هو طريق الفردوس والحياة المرفهة.
بلاشك من يقف وراء هذه الظاهرة عوامل عدة ، منها ماهو سياسي و اقتصادي وثالث استغلالي .
مهربو البشر هم الحلقة المهمة في هذه الظاهرة المقلقة ، الذي يستغلون يأس المهاجرين، الذين يأملون في الوصول إلى أوروبا بشتى الطرق، دون أخذ حياتهم أو المآسي التي قد يتعرضون لها بعين الاعتبار.
في اربيل عاصمة كردستان بدأت الرحلة المميتة للباحثين عن الفردوس الموعود .
رجل عراقي يتزعم شبكة لتهريب البشر ويربح مئة ألف دولار في السنة نظير تسيير شبكة للهجرة غير الشرعية. المهرب قال إن العمل في هذا المجال “لم يتوقف”، مشيراً إلى أن طرق التهريب تنطلق من تركيا والعراق إما شمالا إلى بيلاروسيا ، أو غرباً عبر البحر إلى اليونان وإيطاليا.
هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر والتي يلقي الكثير من المهاجرين. حتفهم فيها ، كما حدث مؤخراً عند عبور الحدود البحرية الفرنسية البريطانية ، فقد
لقي 31 مهاجراً غير شرعي مصرعهم. خلال رحلتهم عبر بحر المانش باتجاه بريطانيا على متن أحد المراكب المتهالكة حيث لم يصمد القارب أثناء هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر. وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أكد أن أربعة من المهربين المشتبه بهم اعتقلوا للاشتباه بعلاقتهم بالحادث.
ولم تردع هذه المأساة المهربين عن نشاطهم، حيث أكد أحدهم لقناة سكاي نيوز البريطانية أن القوارب الصغيرة والمستخدمة للوصول إلى المملكة المتحدة سيتم تعديلها في محاولة لاستيعاب عدد أكبر من المهاجرين. وأوضح المهرب أن المزيد من الأشخاص يرغبون في الهجرة، ولكن لا يمكنهم ذلك في الوقت الحالي بسبب عدم توفر التأشيرة إلى بيلاروسا.
وأشار بعض المهربين إلى أنهم يجمعون الأشخاص وينقلونهم إلى المملكة المتحدة عبر دونكيرك حيث يوضعون على متن قوارب قادرة على حمل خمسة أشخاص، لكنهم يُعززونها بقضبان معدنية ومحرك لكي يتمكنون من إرسال أكثر من 15 إلى 20 شخصا على متنها.
و
عن “رحلة الأمل إلى أوروبا” عبر. بيلاروس ثم بولندا يقول أحد ضحايا مهربي البشر أن عناصر من شرطة الحدود البيلاروسية حطموا السياج وقالوا لنا عبر حركات بأيديهم “إذهبوا إلى بولندا”، مضيفاً: “عندما ذهبنا إلى بيلاروس، لم نكن نعرف كيف نحصل على ما يكفي من المال لتناول الطعام. لقد قال لي المهرب ليس لدي المال. أخبرته أننا نريد العودة إلى المنزل لكنه قال لنا لا يمكنكم العودة، أنفقت المال عليكم. لقد عاملنا كالحيوانات”.
الشاب “الضحية” قال: “إذا كان لدينا المال سوف نعيد المحاولة مرة أخرى، لأنّ لا حياة لنا هنا وليس لدينا مستقبل وليس لدينا المال… لقد فقدنا كل شيء”.
يُذكر أنّ آلاف المهاجرين وجدوا أنفسهم وسط نزاع سياسي على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا في الأسابيع الأخيرة، وهي التجربة التي وصفتها عائلة محمود التي كانت إحدى ضحايا مهربي البشر، بالمعاملة “كالحيوانات” بعد دفع 30 ألف دولار للمهربين لتسهيل رحلتهم إلى أوروبا.
قالت الأم يقدار محمود إنهم تركوا في بعض الأحيان دون نقود لشراء الطعام بعد أن أخبروهم أنهم لا يستطيعون العودة. وتمّ القبض على الأسرة في نهاية المطاف وإعادتها إلى العراق بعد عبورها إلى بولندا من بيلاروسا، وقد أكدت العائلة أنها حصلت على المساعدة من قوات الحدود البيلاروسية.
هذه “المحنة” تركت عائلة محمود “دون مستقبل” لدرجة أنّ العائلة على أتمّ الاستعداد للمخاطرة وركوب موجة الهجرة غير الشرعية إذا ما وجدت الفرصة المناسبة.