فلاح الكلابي || كاتب عراقي
بعيد عن شِعرك يا كبير كان نقدك ومحاولتك تحسين الشعر الشعبي عمل عظيم ويدل على حرصك، كل محب للمجال يجب أن يكون سمير في أيّ مجال، لذلك نحن اليوم لم نفقد شاعراً فقط، بل وناقداً، يعرف كيف يقرأ القصائد يعرف ما غاية الشاعر من المفردة. لذلك هي خسارة كبيرة، فالقائد حينما يُقتل يتزعزع الجيش وينهزم، لكن الشعر كل يوم يخسر قائد، فهو جيش ليس فيه جنود، جيش القادة، ويا كبر الخسارة، كبيرة، لكن خسارتك يا سمير تعني خسارة النقد لأحد أبناءه وهم قلة، أنت أكبرهم وأحسنهم. ولا أعرف كيف يُرثى سمير، يجب أن يطّْلع على قصائد الشعراء قبل أن تُقال على المنصة، أو يعود عريان وكاطع وهذا صعب، لذلك هم يكتبان عنه حين يصل عندهم. ولم أعرف ماذا أكتب، لم أكن مستغرب أو مصدوم مثل أي محب للشعر الشعبي، لاسيما وأنا أهتم لك كناقد لا كشاعر، لكني بقيت حائر مثل أيّ شاعر يحاول كتابة قصيدة جيدة، ماذا سأكتب، لذلك الكتابة عن جانبك النقدي، يُعتبر رثاء لأنك حتى وإن لم تعترف، كنت تحب هذا الناقد أكثر من حبك لنفسك كشاعر، ولهذا أنا أجزم، في الشعر الشعبي، لن يوجد مثلك حريصاً يساوي حرصه على أولاده، وهذا يجعلك غير أبه بالتجاوز على شاعريتك في سبيل الردّ على نقدك وعدم وقوفهم مكتوفي الأيدي، وفي هذا أنت قد فزت. أعرف أن المدرسة الشعرية شاعر تتأثر به الأجيال وهكذا يصير مدرسة، تنحيتك عن هذا طلبوها، ليس لأنهم مقتنعين لكنَ لا حيلة في اليد للوقوف في وجه أخيل ورؤيته يموت سوى ضربه في كعبه. استغرب حملك للقلم في كل مكان، حتى عرفت الحقيقة، بعد مشاهدة لقاءك مع رائد، أن القلم هو من يتمسك جيداً في كفك، المبدعين لا يمسكون شيء الأشياء تتمسك بهم، نعم أنا عاطفي، ليس لأنك ناقد وأنا أحب الذين لا يقبلون الترهات في المجال، بل لأنك سمير تهد حيل المفردة كوالد رياضي يريد أن يكون أبنه بطل ف يهد حيله، فتأتي قصائدك مثل فلسفة لرجل فقد بصره لكن ظل قلبه مُبصراً يرى جيداً ما يدور في كل مكان ولكن ببصيرة أكبر وأبعد مدى، عين سادسة. لم أحزن، فقدت هذه الميزة، صُرت بارداً، وها أنا أحزن عليك مثل شاب ناقد يجلس مع ناقد كبير، يزوره كل يوم، لمدة أعوام، ولا يزال شاب، في أحد الأيام، زاره فلم يجده، أخبروه إنه مات، لكن الشاب قال، الورق أبتلعه أو الناقد قد غطس في المحبرة وحين تأكد من موته صاح، ليس أنا من يحزن بل ليحزن المجال كله، ففي موت الناقد هذا مات المجال وليست نجمة فقط، فهنا شاعرنا ناقد كذلك وخسارة مجاليَن لك تعني خسارة طاقتين في مجاليَن، والبحث عن رجل بطاقتين هو بحث ضائع وليست الدنيا بكريمة لتأتي باربعة طاقات في عصرٍ واحد.