الدِهْري و الدهُرَهْ / عبد الحميد الصائح

الدِهْري و الدهُرَهْ / عبد الحميد الصائح

 

عبد الحميد الصائح

لا أعرف، هل الدهرة ثقافة أم عادة أم مرض أم امتياز؟ . صحيح أن (الدهره) لغوياً تعني المطاولة هي واشتقاقاتها . لكنّ ما أعنيه هنا هو عادة الإعتراض والجدل والسفسطة التي تلازم الكثير منا . بالطبع السفسطة الماخوذة من مدرسة فلسفية يونانية نشأت ضمن مرحلة الفلسفة التجريبية قبل الميلاد بقرون تسمى بالسفسطائية روادها اصلاحيون ابتكروا المنطق ثم انحرف تلامذتهم الى استغلاله في قلب الحقائق وتسويق الأوهام وهو ما سخر منه افلاطون في محاوراته مما جعل من السفسطة في الثقافة الشعبية تعني اللغو والايهام واللعب على ما ظهر ومابطن من المعاني والكلام الذي يقال لمجرد ( الدهره) في عالم اليوم مع قليل من الاختلاف.
ففي عالم اليوم حين تقول له : ماشاء الله صحتك تبدو جيدة ..يرد عليك: . اي صحة يا أخي أعصابنا محترگه والضغط والسكّر يتلقفنا من الصبا.. ثم يكمل عن الظروف والأسباب والامثلة عن لمعيشة والسياسة والدين والدنيا .. الخ .. وحين تقول له : يبدو انك مو على بعضك وصحتك ليست على مايرام يرد عليك بقوة : ليش شنو شفتني امشي على عكازة أكو بيّه شي؟ اشو الحمد لله مثل الاسد وصحتي جيدة واكل واشرب خو مو مثلكم انتو اللي بالـ… ويذهب بالموضوع الى مستويات عن الهجرة والخارج والاتكيت والريجيم والرياضة وو ..الخ.
وحين تقول له: وضع العراق تعبان .. يقول لك : شبيه تعبان الامور ممتازة وأحسن بهواي واللي ما كان ياكل خبز قبل ، هسّه يصعد أحسن السيارات. والديكتاتورية صارت ديمقراطية ونكدر نتكلم براحتنه بلا حرج ولا خوف …الخ .. وحين تقول له : الحمد لله العراق بخير ويتعافى يرد عليك : يا خير ويا عافية يا اخي؟ انت ماعايش هنا وشايف شليلة وضايع خيطهه، لا أمان لا عمل الكل يتحكم بكيفه فقر وبطالة والاف الخريجين مالاكين عمل ياكلون من وراه خبز . احنه بوضع بس الله يعرف بيه .
اذا قلت له : اطلع بره يقول ماكو احسن من بلدي ،واذا تقوله الوطن ما اله بديل وبلادي وإن جارت عليه عزيزةٌ ..يقول : اخي انت شكد بطران والله لو بيدي ما أبقه لحظة بالعراق . واذا تقول له: تعال يقولك وين ؟انا ما اتزحزح ، واذا تقول له : اثبت بمكانك وخليك صبور وقوي ، يقولك للصبر حدود يا أخي أريد أهج وين ماجان .
واذا تقول له : المسؤولين دمرونه يقول : بس هواي أحسن من صدام . واذا قلت له : اصل الدمار صدام ، يقول لك : عمي ماسوّه مثل ما سوّو الجماعة! واذا تقول له : مشكلتنا الطائفية ، يقول لك : اخي ماكو شي كلهه دعاية العراقيين متوحدين وماكو فرق .. واذا قلت له : ماكو شعب موحد ومتسامح مثل العراقيين ، يقولك عمّي جماعتنه مو همه السبب جماعتهم ما يكعدون راحه والبادي اظلم !! . وتقول ويرد ..وتقول ويرد ! وهكذا. الغريب في الامر حين تكون كلّ الأسئلة لشخص واحد والردود منه جميعها !!.
قد يختلف هذا الأمر عن السفسطة بالمفهوم الشعبي لا الخلفية الفلسفية .يختلف كثيراً لان ما تعنيه تلك غير ما تعنيه الدهرة التي نعرفها في نوعين .
دهري يريد اثبات انه على صح ويعرف كلشي .. فيناقضك في كل ما تقول حتى لو جار على نفسه . ودِهري آخر دايخ حيل، ضحية مثل صاحبنا أعلاه. .. من عجائب العراق ان جميع اجاباته صحيحة على تناقضاتها!.

(Visited 8 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *