د. احمد مشتت
في الوقت الذي اقر فيه مركز السيطرة على الامراض الامريكي اعطاء الجرعة الثالثة مازالت حملة التطعيم ضد الكوفيد ١٩ في العراق بائسة وبطيئة ولايوجد اي دليل على انها ستتسارع في المستقبل القريب.
العدد الكلي للجرعات المعطاة في بلد تعداده ٤٠ مليون نسمة لم يتجاوز اربعة ملايين ونصف جرعة اي بنسبة ٦ اشخاص لكل مئة. وهذه دعوة مفتوحة للفايروس بالانتشار في بلد لايعترف باجراءات الوقاية كلبس الكمامات مثلا وارقامه الرسمية حافلة بعدد المتعافين من المرض لاعطاء انطباع غير حقيقي عن الوضع الوبائي المتدهور.
لاتوجد اي بيانات رسمية في العراق عن تشخيص السلالات المتحورة لانه حسب وزارة الصحة العراقية هذا موضوع غير مهم.
تشخيص السلالات غير مهم
الكمامة غير مهمة
اللقاح ايضا غير مهم
ما هو المهم اذن؟
خبراء الاوبئة في العالم قلقون جدا من المرحلة القادمة من المعركة مع فايروس الكورونا. والقلق الحقيقي هو من ظهور سلالة متحورة قد تكون مقاومتها للقاحات كبيرة وقد نعود الى المربع الاول مثل ما حدث في افغانستان وعودة طالبان الى عرش السيادة هناك.
ولهذا فان التفكير بمنح الجرعة الثالثة الان حتى مع عدم وجود ادلة قاطعة ان الجميع بحاجة اليها هو خطوة استباقية في تعزيز الجدار المناعي المجتمعي الذي اثبت فعاليته في الحد من شراسة الكوفيد ١٩ في البلدان التي تصدق ان التطعيم هو السلاح الوحيد المتبقي في هذا السجال الطويل مع الفايروس وتحوراته.
مازلنا في العراق اسيري الجدال حول ان اللقاح مخيف ومازالت فكرة ان الاصابة والحصول على المناعة الطبيعية هي افضل طريق للنجاة.
لماذا ناخذ لقاحا قد يسبب العقم وتغييرات في الجينات؟ مازال هذا السؤال يدور في اذهان الكثيرين ومازالت اصوات المشككين من خبراء الموت الذين حرضوا الشارع العراقي ضد اللقاحات، مازالت تشكل انتكاسة حقيقية لوعي العراقيين الذي مكنهم من بناء أول مدينة وأول مدنية في العالم في بلاد مابين النهرين.
يكفي ان الشعار العالمي والذي يرمز الى مهنة الطب في الوقت الحاضر بهيئة ثعبانين متشابكين على عصا او وتد، هو في الحقيقة سومري. ويرمز الى نينازو ابن الالهة السومرية غولا التي هي الهة الصحة والشفاء. نينازو الذي كان اسمه مقرونا بالثعابين والشفاء ويعني ( الرب المعالج ).
كيف انحدرنا من هذه الجذور العظيمة الى واقع هزيل يعالج فيه مرض الكورونا بعشوائية لاتليق بمجتمع متحضر.
كيف سمحنا لكل هذا الجهل ان يتضخم ويدوس على معارفنا التي اضاءت الطريق للعالم.
في هذه اللحظة المرتبكة من التاريخ والوباء يطرق الابواب ليحل ضيفاً يقرر متى شاء ان يسرق حياتنا ويفرض شروط اقامته في وجودنا الهش. في هذه اللحظة غير المصدقة نحتاج الى الوعي مثل حاجتنا الى الهواء الذي هو ايضا مهدد بالفايروس المتحور.
الانسان الان في سباق خطير مع الفايروس ولهذا ياتي الالحاح على دور الجرعة الثالثة قبل ان تنهض سلالة جديدة تفتك به على اكمل وجه.
وزارة الصحة في العراق هي الراعي الاول لصحة المواطن وتوعيته المستمرة والفعالة حول دور اللقاح ضد الكوفيد ١٩ . هذه التوعية هي باهمية توفير الرعاية والطبية والعلاج لاي مرض اخر ان لم تكن اكثر اهمية.
لاسكات صوت الجهل المدوي نحتاج الى صوت الوعي الهادئ والعارف
صوت تاريخنا السومري الذي قدم الى العالم اول طبيب واول وصفة طبية واول رب معالج.