المثقف و الوعي الجمعي / د. رقيق عبد الله

المثقف و الوعي الجمعي / د. رقيق عبد الله

 

 

د. رقيق عبد الله – كاتب جزائري

 

ان الوعي الشمولي للمثقف و احقيته في انتاج الرؤى الاستشرافية و صناعة الراي العام و توجيه الأحداث ضمن الدفاع عن فضائل الحق و العدل بحكمة تتعدى الأثر الرجعي للموقف لكي لا يتحول إلى مؤرخ، تجعل من مهمته تتسم بالانفراد و ذاته الفاعلة بالندرة، التي لا تتغير وفق ظروف الحالة المرتبطة بها او الاستسلام الى هيكلته عبر الإطار السياسي كخبير او الإطار الديني كواعظ او الاطار الاعلامي كتقني او الإطار الجمعوي كناشط.
ان مهمة المثقف هو ربط الجزئيات بالكليات و تفكيك ثم تحليل كل الاخفاقات التنموية و الديمقراطية، الاقتصادية و الاجتماعية، الثقافية و النسقية العامة التي يعيشها السياق المجتمعي عبر أدواته العقلانية المتفهمة لما يقع وفق ميزان القوى الاجتماعية و التكوين البنائي للمجتمع و الدولة.
ان طرح غرامشي في عضوية المثقف لا يعني تدجينه و سقوطه في قبول التسوية عبر التمويل و أهداء الجوائز و الالقاب ليكون ضمن الاحتواء المهيكل لدوره و سقف إنتاجه و زبونية مواقفه متكلما او صامتا، فالمثقف الصامت كما يقول تشي جيفارا هو اكثر خرابا من الدكتاتور.
ان تحول المثقف الى الإصلاح لا يعني أن يكون اقل رادكالية من ما يعيشه مجتمعه و تطلعاته. ان على المثقف في كثير من الأحيان ان يكون دوره هو تدوير الزوايا الحادة و طرح بدائل عقلانية واقعية قابلة للتطبيق و المناقشة بعيدا عن التذبذب و العصبية و كليات التنظير التي حولت المثقف العربي الى محلل سياسي فاقد للفاعلية فبدل ان يفكر في اشكاليات راهنه و طرح البدائل انحاز الى التفكير في التنبؤ و تبرير لماذا لم يتحقق تنبؤه.

(Visited 20 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *