غياب الأمن وتغيير أولويات المجتمع/ د. عبد الحميد الصائح

غياب الأمن وتغيير أولويات المجتمع/ د. عبد الحميد الصائح

 

 

عبد الحميد الصائح – كاتب واعلامي عراقي

 

يقول جورج واشنطن احد مؤسسي الولايات المتحدة واول رئيس لها .”اذا ساوم شعب بين الأمن والحرية ، فهو لايستحقهما معا”
هذا القول سقته عام 2015 ابان موجة العنف التي اجتاحت فرنسا بما عرف باحداث 13 نوفمبر الارهابية وسقوط اكثر من 129 قتيلا وضعف عددهم من الجرحى . حين اعلنت الحكومة الفرنسية العمل بقانون الطواريء الفرنسي الذي اقر قبل 50 عاما في وقت حرب الجزائر 1955 لمدة اثني عشر يوما فقط بعد الاحداث وطالب سياسيون بتمديده وهو ماتطلب حملة ضغط وايضاح لاقناع الفرنسيين بأن اجراءات ضبط الأمن في البلاد لن تتم الا بتقييد بعض الحريات الاساسية متمثلة بمنع التجول كليا أو جزئيا، وتفتيش المنازل والاعتقال دون اذن قضائي، والرقابة على وسائل الاعلام ومنع التجمعات وإغلاق الملاهي ودور السينما، والحد من الحريات العامة ومنها التنقل، والرأي، كذلك إبعاد الأشخاص الذين تعتبرهم مصدر تهديد للأمن والسلامة العامة من مناطق إقامتهم، وفرض الإقامة الجبرية في مناطق محددة، وطرد أجانب، ومصادرة الأسلحة بما فيها أسلحة الصيد، وتفويض القضاء العسكري ليحل محل القوانين المدنية للنظر في الجنح أو الجرائم ويكون قوة ردع بيد السلطات ” كما ينص قانون الطواريء على ذلك . فبدت فرنسا التي تُعتبر الحرية فيها ثروة قومية وكأنها تعرضها للبيع مقابل الامن الذي اخترقه الارهابيون.
مايفعله الارهابيون في العراق ذكرنا بتلك المعادلة ونحن نشهد أعمال عنف وتفجيرات وهجوم شامل ضد المدنيين بمختلف الطرق من جهات معلنة وغامضة تثير توقيتات اعمالها ريبة شديدة . فالذين يقومون بالتفجيرات نوعان .. نوع معلن انتقامي عقائدي حربه مفتوحة مع البشر والشجر والحياة كلها ، ونوع خفي غامض يحاول استخدام العنف بدل السجال والتنافس الانتخابي ليدفع الشعب لتغييراولوياته فيما يفضل ولمن يلتجيء.
اذا انعدم الامن تتراجع المطالبات بالحريات والخدمات والعمل وغيرها من الحقوق . وهذا خيار الحاكم حين يكون بلا منهج لادارة الدولة ولاقدرة ولارغبة لتقديم خدمات للناس سوى التلويح بحمايتهم من المجهول .
الموت المجاني بهذه الطريقة ينقل رسائل متضاربة.. كيفما أفتى المحللون باسباب وقوعها، كلها تريد للناس ان تتخلى عن حقوقها مكتفية بتحقيق الامن لأن غياب الامن يجعل من السياسيين ابطالا قوميين لتوفيره حتى وإن أفسدوا وطغَوا وبغَوا وقصروا في كل شيء .
هذه اللعبة أياً كانت اطرافها، رخيصة وهي كأي جريمة مدانة كوسيلة ومدانة كغاية . والا كيف يمكن تبرير قتل الاطفال والنساء والباعة الفقراء في الاسواق والصحفيين والمتظاهرين السلميين واحراق الوزارات والمرضى في المستشفيات تزامناً مع احتجاجات يومية ودائمة صامته او صارخة من اجل الحياة الكريمة والحرية ومحاربة الفساد والعيش الطبيعي في بلد طبيعي تتحمل مؤسساته الرسمية كلها دون استثناء تحقيق ذلك؟؟؟

(Visited 3 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *