سجاد الياسري
حقّ المرأة في الحياة ليس مجرد شعار يُرفع في المؤتمرات أو لافتة تُكتب في المناسبات، بل هو جوهر إنساني كفله الدين والقوانين الدولية والدساتير الحديثة. ومع ذلك، ما زال هذا الحق يتعرض لانتهاكات خطيرة في مجتمعاتنا، تصل أحياناً إلى أقسى أشكال العنف، وهو القتل.
قضية اغتيال الدكتورة بان زياد تمثل جرحاً نازفاً في الضمير الإنساني، إذ لم تكن مجرد امرأة طموحة أو طبيبة ناجحة، بل رمزاً لعشرات النساء اللواتي قدمن عطاءً في مجالات العلم والمجتمع، ثم دفعن حياتهن ثمناً للتطرف أو العادات البالية أو غياب الحماية القانونية.
المرأة اليوم تواجه معركة غير متكافئة: فهي مطالبة بالعمل والإبداع والمشاركة في بناء المجتمع، وفي الوقت ذاته تواجه مخاطر التهميش والتمييز والعنف الجسدي والمعنوي. وما حدث مع بان زياد ليس حادثة فردية، بل هو صورة متكررة لظاهرة تهدد الأمن الإنساني، وتؤشر إلى ضعف القوانين الرادعة أو قصور المؤسسات في حمايتها.
الحق في الحياة للمرأة هو الأساس لكل الحقوق الأخرى، فلا معنى للحديث عن حقها في التعليم أو العمل أو المشاركة السياسية إذا كانت حياتها نفسها مهددة. الجريمة التي أودت بحياة بان زياد كشفت حجم التناقض بين النصوص الدستورية التي تكفل المساواة، والواقع الذي يشهد فجوات عميقة في تطبيق العدالة.
إن استذكار قضية الدكتورة بان زياد هو استذكار لحق المرأة في الحياة والكرامة والأمان. فهي ليست مجرد اسم عابر في سجلات العنف، بل رمز لمعركة طويلة يجب أن يخوضها المجتمع والدولة معاً: معركة تغيير الفكر، وتطبيق القانون، وإعادة الاعتبار للمرأة كإنسان كامل الحقوق.
فالحياة التي خُطفت من بان زياد يجب أن تتحول إلى قوة ضغط اجتماعية وقانونية، كي لا تتكرر المأساة، ولكي تبقى حياة المرأة مصونة كما أرادها الخالق وكما نصّت عليها القوانين الإنسانية
