السلطـة الهشـة

السلطـة الهشـة

الناس يحجمون عن إيذاء الذي يوحي بالخوف من الذي يوحي بالحب، لذلك كان ميكافيللي يوصي الامير في كتابه ان يجعل الناس يخافونه اكثر مما يحترمونه، ربما تكون هذه النظرة قاسية نوعما ، لكنها واقعية بنسبة كبيرة، خصوصا في المجتمعات التي يكون فيها صوت البندقية اقوى من صوت العقل ، ورائحة الدم ازكى من رائحة الزهور .
الخوف كمفهوم ليس محبباً لكنه ضروري في بعض الاحيان. فقد اجرى احد أهم مراكز استطلاعات الرأي في العالم استبياناً عن خوف الناس من القانون او احترامه ، فكان السؤال : هل تخاف القانون أم تحترم القانون ؟ فجائت نسبة 86% مع الخوف من القانون.
فحينما يتاح لنا فرصة مخالفة القانون فان الرادع عن المخالفة هو الخوف من العقوبة وليس الاحترام .
لذا القانون القوي بلا تعسف هو من يجعل حياة الناس آمنة ، والحاكم القوي الذي يوحي بالخوف هو ما يبحث عنه العراقيون اليوم للجم الخارجين عن القانون والذين يهددون الدولة.
فهناك مثل شعبي عراقي يقول: « امام الما يشور محد يزوره» ، ومن أمنَ العقوبة أساء الادب. والحاكم الذي لا يخافه القتلة لا يستطيع ان يجلب الامان والاستقرار للبلد . والرئيس الذي يراد له ان يكون طرطوراً من الافضل له ان يصارح شعبه ويستقيل.
فبدلا من الاستمرار بالسلطة الهشة التي ستأتي على الاخضر واليابس في هذا الوطن يجب ان تطرح ثقافة الخوف من القانون وهي التي اثبتت في مقاطع زمنية انها الاكثر نفعاً ، فمازلنا نتذكر صولة الفرسان في البصرة التي أتت أُكلها ، كما نتذكر صولة العبادي في كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها ، وايقاف مطارات الاقليم والمنافذ الحدودية وغيرها، كلها كانت بفعل الخوف من القانون .
وحينما يتراجع الخوف من القانون تظهر اصوات المعتدين على الوطن قوية مرتفعة. ويريد البعض ان يفرض قانونه الخاص ، ويهدد الدولة.
السماح بهزيمة الخوف من القانون يعني استفحال الخارجين عنه، وتشجيع الاخرين على الخروج عليه ، مما يعني الضياع والاستسلام .
ان اختطاف امن الوطن والمواطن بحجج واهية وفرض ارادة مجموعة مسلحة على الدولة دون ان تجد رد حقيقي من الحكومة يعني اننا وصلنا الى نقطة النهاية وان الصدام واقع لا محالة ، وان المجتمع على شفا الهاوية وسنندم جميعاً حين لا ينفع الندم. فالسلطة الهشة لا تنتج سوى وطن هش مسلوب الارادة ومجتمع ذليل .
يقول المفكر الانكليزي. برتراند رسل «يمكن للحكومة ان تتواجد دون قوانين ، لكن القانون لا يمكن ان يوجد دون حكومة».

(Visited 4 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *