لم تكن وظيفة المثقف يوماً هي فيما يردده او يكرره الناس بل في انتاج فكر ومعرفة لا يستطيع ان يقوم بها غيره من خلال المراجعة والنقد والتغيير خاصة في لحظات المنعطف المصيري والانكسار والخطر الذي يتهدد الحياة والمجتمع.
الناس تسأل دائماً عن الافكار والعقائد عن الحروب والصفقات والمساومات عن الكوارث التي مهدت لكل هذا الخراب عن عدم استجابتنا كمجتمع للتحديات العاصفة التي مررنا بها اسوة بكل شعوب الارض التي حاولت ان تعيد النظر بتفكيرها وطريقة حياتها وثقافتها وجديتها عن عدم وجود نخبة من المثقفين والمفكرين مسؤولة عن قيادة مرحلة جديدة وثورة فكرية تزحزح كل المسلمات الضيقة والجامدة وتطيح بثقافة الانتقام والدم والكراهية وعقد النقص والدونية والتلفيق والكذب الصارخ وتزعزع الشعارات الخاوية وتوقف عقلية الغوغاء والتعصب الاعمى في كل الاتجاهات ورفض عقلية الحيازة واستملاك واحتكار المكان والزمان والمنصب والموقع والمسؤولية لمصالح شخصية او سياسية او عشائرية او عائلية او حزبية او طائفية يذهب الناس في السؤال الى ابعد من ذلك عن من مهد لهذه الازمات واسس لها.
يسألون عن مصير جيل كامل يبحث عن خلاص خاصة وانه قد ورث عن الجيل السابق كل الخسائر والهزائم والحروب والمصائب.
تركة كاملة من الحزن والخوف والقلق فضلاً عن صراع القناعات المحنطة التي تعيش في الماضي وتنكر جدلية الحاضر وتطور الحياة والعلوم في حالة تشبه تغييب العقل او استقالته وانكار المستقبل.
ارجو ان تسمح لي الفنانة ( ام زياد ) ان استعير عنوان اغنيتها (سألوني الناس ) لأقول سالوني الناس عنك يا عراق.
سألوني عن الفرح المخبأ في عيوني عن اغان الحب في حناجر الاطفال عن صور الامس في بلاد الشمس عن الرثاء والحزن في حكايا امي ، عن السجون التي لم تغادر ارواحنا عن شرف الكلمة في مزاد عملة الفساد عن نكبة الحاضر وضياع العمر في التأبين وطقوس المراثي المزمنة ومأتم الناس وهم يستحمون بالرماد وبأمطار مقبرة السلام يعودون كاليتامى ينزفون الفقد والوجع لكنهم يقفون بقامات صلبة وواثقة لأن شرف العراقي ان يبقى واقفاً دائماً في وجه الموت والعاصفة.
«سألوني الناس»
(Visited 30 times, 1 visits today)