المستشار الاقتصادي / عبد المهدي المظفر
العمالة الماهرة يُطلق عليها أيضاً اليد العاملة المؤهلة، وهي تلك الفئة من قوة العملالمتخصصة ولديها خبرة في القيام بنوع معين من الأعمال الذي يتطلب مجموعة منالمهارات اليدوية والفكرية والعقلية والمعرفية بدلاً من الأعمال الروتينية اليدوية البسيطة.
والعمل هو كل حركة أو جهد عضلي يبذله الفرد لإنتاج سلعة ما، أو تحقيق منجز ماديملموس، وهناك نوعان من العمل، أحدهما لا يتطلَّب مهارة بعينها، وإنما العنصر الرئيسفي هذا النوع هو الجهد أو القوة العضلية المبذولة، أما النوع الثاني فهو العملالتخصصي الذي لا يمكن إنجازه إلا بوجود مهارات محددة يتحلى بها العامل وفي حالضعفها أو فقدانها فإن إنجاز السلعة أو العمل لا يتحقق، لذلك تكون هناك وفرة بالأيديالعاملة غير الماهرة، وندرة في النوع الثاني من العمالة التي يتم تدريبها نظريأ وعمليافي دورات متخصصة.
يعرّف العلماء المختصّون المهارة بأنها التمكن من انجاز مهمة بكيفية محددة وبدقةمتناهية، وسرعة في التنفيذ. إذاً العامل الماهر يمكنه إنتاج سلعة بمواصفات محددة وفقأدق المواصفات المطلوبة ويقترن ذلك بجانب مهم هو سرعة الإنجاز، وسلعة من هذا النوعووفق هذه المواصفات لا يمكن إنتاجها إلا بوساطة عامل ماهر أتقن صنعته باكتسابمهارات معينة تم إتقانها بالتدريب وخبرات العمل المتراكمة.
هناك مهارات العمالة المدرَّبة، ومنها على سبيل مهارة يدوية كالبناء والنجارة والحدادةوالسباكة الصياغة والحياكة وغيرها، وهذه المهن لا يمكن الشروع باحترافها إلا بعد تعلّممهارات معينة تسمح للعامل بأن يكون نجّارا أو بنّاءً أو حدّدا وغير ذلك مما يمكن أنيخوض فيه العمال المهَرَة من أعمال ومهن، ويوجد نوع آخر من المهارات ونقصد به المهارةالعقلية وتكمن أهميتها في توجيه المهارة اليدوية نحو الأفضل وتوجد أشكال معينة منهذا النوع، منها المهارة الإبداعية، والمهارة التنظيمية، والمهارة الوصفية، وهذه المهاراتفكرية وليست يدوية أو حركية، لذلك لا يمكن للعامل أن يكون ماهراً ما لم يزاوج بين المهارةالعقلية والعملية.
كان العراق في تسعينيات القرن الماضي عبارة عن ورشة عمل واكاديمية تقنية كبيرة اجبرت الشعب العراقي ظروف الحصار الخانق على الوطن بالابداع في كل الصناعاتالصغيرة والمتوسطة التي غطت حاجة السوق المحلية عن الاحتياج استيراد السلع وكانت الحكومة تدعم ذلك بقوة من خلال الدعم المالي المباشر وغير المباشر للقطاعاتالصناعية والزراعية والصناعات التحويلية والصناعات الغذائية ودارت عجلة الاقتصادرغم الصعوبات وقسوة التمييز بين اركان النظام وعامة الشعب المحاصر المظلوم .
وفر هذا الظرف القاهر ملايين الايدي العاملة الماهرة وضافت عليه دوران عجلة الانتاجوسرعة التسويق لسد حاجة السوق المحلية المبادرة والخبرة المتراكمة وسرعة المناورة ممافتح الاف ورش العمل الصغيرة والمتوسطة على سبيل المثال لا الحصر المطاحن والمجارشوالمدابغ ومصانع الجلود ومصانع الاطارات والاسمنت وغيرها . وكانت هذه الطاقاتالماهرة الكبيرة هي راس المال البشري الوطني الذي دعم الاقتصاد الوطني ووفر فتحملايين البيوت للعيش بشرف العمل تحت ظلم نظام دكتاتوري جائر واليوم بعد مضي 18 عام من التغيير نحو الديمقراطية الاستهلاكية التي حولت الشعب العراقي من منتجمبدع الى مستهلك نائم
واهمال متعمد لملايين الشباب العاطلين عن العمل وتبني فكرة الوظيفة الحكومية وزيادةالاجور لهم سبب هذا العزوف عن العمل والقطاع الخاص العراقي فالفلاح اصبح شرطيوالصناعي اصبح جندي وهكذا …
وتشكل نسبة الشباب في العراق حسب اخر احصائات وزارة التخطيط العراقية حوالي59% من اجمل عدد نسمات سكان العراق ويشكل هذا الرقم تفوقا واضحا للعراق علىبلدان اوربا وبعض الدول الغربية ورصيدا مهما لتنمية الاقتصاد العراقي وخصوصاالعمال ذوي الايدي الماهرة واهميتهم في دوران عجلة الانتاج في الصناعة الوطنية
وتولي حكومات باقي الدول قطاع الصناعة اهتماماً كبيراً وتعمل على تطويره باعتبارهرافداً رئيساً من روافد التنمية الاقتصادية وتحقيق الاكتفاء الذاتي والازدهار الاقتصادي.
ومن مقومات إقامة الصناعة الوطنية:
– توفر الأيدي العاملة الماهرة أمر ضروري لإقامة صناعة وطنية ناجحة.
– الموقع الجغرافي المناسب القريب من المواد الخام ومن مصادر الطاقة اللازمة للتشغيل.
– ضرورة توفر المواد الخام اللازمة للصناعة بدلا من استيرادها وما يترتب عليه من أعباء.
– توفر الطرق والمواصلات اللازمة لنقل العمال والمواد الخام إلى المصانع، وكذلك نقلالمنتجات التي يتم إنتاجها إلى الأسواق المحلية أو إلى موانئ التصدير.
– رأس المال اللازم للوفاء بكل متطلبات إقامة الصناعة من شراء الأرض وإقامة المنشأةوتوفير الآلات والمعدات اللازمة ودفع رواتب العاملين بالمشروع
– أهمية توفر الأسواق اللازمة لتصريف الإنتاج.
– ضرورة توفر مصادر الطاقة والمياه اللازمة لتشغيل المنشأة الصناعية.
– سياسة الدولة الداعمة لإقامة صناعة وطنية ناجحة عن طريق حزمة التشريعاتوالإجراءات الجاذبة للاستثمار الصناعي وخلق البيئة المناسبة له.
أهمية الصناعة في الاقتصاد الوطني:
– تعمل على توفير فرص عمل ووظائف في العديد من المجالات مما يؤدي إلى حل مشكلةالبطالة والفقر ورفع مستوى المعيشة.
– توفير المنتجات المصنعة محلياً وبأسعار مناسبة للمواطنين.
– تقليص الاستيراد من الخارج، الأمر الذي يؤدي إلى خفض الضغوط على الموازنةالعامة للدولة وتحسين ميزان المدفوعات.
– إمكانية التصدير، وهذا يترتب عليه زيادة حصيلة الموازنة العامة من العملات الأجنبية.
– تسهم الصناعة في تطوير كثير من القطاعات الأخرى عن طريق المنتجات التي تقدمهالخدمة هذه القطاعات مثل: الزراعة، التجارة، النقل، التعليم، السياحة.
– يؤدي التقدم الصناعي إلى تحقيق الازدهار الاقتصادي للدولة عن طريق تحقيقالاكتفاء الذاتي وتدعيم الناتج المحلي الإجمالي مما يؤدي إلى زيادة ثروة ورفاهيةالشعوب.
– يساعد التقدم الصناعي في تعزيز الاستقلال الاقتصادي والسياسي بعيداً عن التبعيةللخارج المترتبة على استيراد السلع الرئيسة والتكنولوجيا.
مما تقدم تتضح أهمية دور الايادي الماهرة الوطنية في الصناعة لتحقيق التنميةوالازدهار الاقتصادي ورفاهية الشعب العراقي ، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة اهتمامالعراق بإقامة الصناعات وفتح معاهد تدريب وتاهيل لشباب الوطن وتقديم كافة التشريعات واصدار القوانين وتقديم التسهيلات المصرفية والقروض المباشرة للشبابللمشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة من اجل استغلال ثرواتنا الوطنية وتشغيلالأيدي العاملة وتحقيق الرفاهية والاستقلال الاقتصادي للعراق .