أزمة الاختيار داخل الاطار 

كتب المحرر السياسي للمستقل : 

لا زال العراقيون يتسألون عن شخص رئيس وزرائهم القادم ، من سيكون ؟ ما لونه ما شكله، ما أسمه.

ولا زال الاطار … محتار يبحث عمن تنطبق عليه المواصفات التي وضعها ، إلى جانب ذلك يرتفع سقف التكهنات وتنتشر الأسماء في مواقع التواصل الاجتماعي .

المعضلة يبدو ليست في المواصفات ولا في شروط الاطار ، بل في ردة الفعل الأمريكية التي تريد ان يكون الرئيس القادم حسب المقاسات التي تضعها واشنطن ، ولعل هذا الرأي هو ما تتداوله اوساط النخب السياسية ، وقد جاء نتيجة لتصريح المسؤولين الأمريكان والمبعوث الشخصي للرئيس الأمريكي. دونالد ترامب الذي نوه إلى ذلك . هذا الوضع يجعل عملية اختيار رئيس وزراء يرضي واشنطن ويوافق بالشروط الإطارية صعب جداً .

المعروف ان القوى الشيعية التي فازت بالانتخابات الأخيرة ، بالأغلب ذات مزاج مختلف عن المزاج الأمريكي ، وان كانت ترغب في إدامة العلاقة مع الولايات المتحدة ، إلا انها ترفض الهيمنة الأمريكية ، وربما تتهم بميولها نحو طهران.

الصراع الأمريكي الإيراني في العراق يتخذ هه المرة شكلاً جديداً ، ليس من خلال. سلاح الفصائل بل من خلال الصراع السياسي ، وامتلاك القرار المستقبلي .

البعض يرى ان مجيء حكومة ورئيس وزراء ضعيف , لا يحضى بالرضى الأمريكي ، سيخلق مشاكل كبيرة ، وسيعمق الأزمات التي يعاني منها البلد . فهناك تحديات عدة على رأسها ازمة الجفاف الذي يعاني منه البلد ، وهذا المسألة يتحكم بها الجانب التركي ، يعتقد البعض ان امريكا ربما ستلعب دوراً بالضغط على تركيا لحل هذه الأزمة، وهناك تحديات اقتصادية، خدمية، أمنية، سياسية، إدارية. لا يمكن إدارتها بحكومة مقيدة وضعيفة ، وستكون مثل هكذا حكومة عرضة لابتزاز. الاحزاب والكتل ، وسنعود إلى مربع المقايضات السياسية .

تكشف عملية اختيار رئيس الوزراء عن وجود أزمة في القيادة ، و ان العراق يعاني من عدم وجود قاعد سياسي حقيقي قادر على قيادة دفة البلد بالشكل المتوازن الذي يحقق الاستقرار السياسي .

يرجع ذلك لعدة اسباب أهمها غياب مشروع الدولة ، وهنا اقصد به الخطوط العامة للسياسة سواء على الصعيد الخارجي أم الداخلي ، ومعرفة الأصدقاء والأعداء ، وتأسيس قواعد اقتصادية وإعلامية وثقافية تسير في رؤية الدولة ، ما نراه في الواقع مختلف تماماً عن مشروع الدولة، فهناك دولة تسير بثقافة الأعراف السياسية والتوافقات ، والمقايضات في اقرار القرارات، وربما. لا تبنى القرارات على المصلحة العامة للبلد، وانما لمصلحة فئة دون اخرى ، وهذا حدث في اكثر من قرار ، بدأً من كتابة الدستور مرورا بقانون السجناء السياسيين وحتى قانون العفو العام وقانون الاحوال الشخصية الأخير .

ظلت الدولة العراقية رهينة مصالح القوى السياسية ، والارتباطات الخارجية لكل مكون وكتله .

غياب المشروع فرض على العراق معادلات صعبة ومعقدة ، وجعل بغداد ضعيفة غير قادرة على كبح جماح المتسلطين ، وفرضت عليها معادلات لا ترغب بها ولكنها قبلتها على مضض.

وقد ساهم في هذا الوضع ” الكتلة الأكبر ” التي تنازعت فيما بينها وفشلت وذهب ريحها ، فمنذ ان طرح السيد المالكي قانون ” البنى التحتية ” واختلفوا عليه لكي لا يحسب للمالكي ولحكومته ، وهذا ما قاله بيان جبر. وبهاء الأعرجي علناً في الإعلام ، بانهم هم افشل قانون البنى التحتية، وعبر السيد بيان عن عملية افشال القانون بأنها ” مؤامرة دبرت بليل ”

هكذا تحرك العقل السياسي الشيعي وهكذا حصل .

وتصدرت المصالح الشخصية مشهد الواقع السياسي ، فحدثت الأزمة التي انتجت الحيرة الان .

دولة بلا مشروع ولا ايديولوجيا ولا ستراتيجية واضحة كيف تسير ؟

فهل يعقل ان كتلة تمتلك الأغلبية البرلمانية تعرض منصب رئيس الوزراء وهو اعلى سلطة في البلد إلى لجنة لفحص السير الذاتية للمرشحين بالعلن !!!!

ان غياب مشروع الدولة بدى واضحاً في ازمة اختيار رئيس الوزراء منذ اليوم الاول ، وفتح الباب امام التدخلات الخارجية والداخلية ، وخلق ازمة ثقة بين القيادة والشارع.

وسيبقى العراق على هذه الحالة وستبقى ازمة الاختيار قائمة ، ما دام المشروع غائباً ومادام قرار الاطار موزعاً بين الزعماء ، والمثل العراقي يقول ” السفينة إذا كثرت ملاليحها تغرگ”

 


مشاركة المقال :