كتب المحرر السياسي للمستقل :
يكاد يتفق الجميع على تأثير الرجلين المالكي والصدر في الساحة السياسية العراقية ، ولكل منها دوره الفاعل ، ولا مناص من تكاملهما ، إذا ما أُريد للعملية السياسية ان تسير بقوة واستقامة، وستبقى العملية السياسية عرجاء ، إذا ما سار الرجلان بشكل منفرد .
وللمالكي والصدر مشتركات كثيرة ، مثلما لديهما اختلافات كثيرة.
فهما ينبعان من منبع واحد ، كما قال المالكي ” نحن والتيار من مدرسة واحدة ” ويقصد به مدرسة السيد الشهيد محمد باقر الصدر ،
وللرجلين مواقف متطابقة ورؤية تكاد تكون متشابهة في مسائل سياسية سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي .
والسؤال هنا هل من الممكن ان يتفق الطرفان في اعادة التوازن للكتلة الشيعة وترجيح كفتها في بقائها على رأس السلطة التنفيذية ؟
الجواب نعم ، فهناك تجربة في عام 2010 في تشكيل حكومة المالكي الثانية مثلت حجر الزاوية في عمليةإعادة انتخاب المالكي رئيسا للوزراء لولاية ثانية رغم أن الصدر تعهد لناخبيه أثناء حملته الانتخابيةبإسقاط المالكي وعدم التحالف معه، كان لموقف الصدر هذا الأثر الأكبر في دفع العملية السياسية ، فعض الصدر على جراحه وتناسى ” صولة الفرسان” التي قادها المالكي في عدد من المحافظاتالعراقية في عام 2008 ضد جيش المهدي ، وذلك من اجل المصلحة الوطنية ومصلحة المكون الشيعي .
لكن اين تكمن عقدة العلاقة بين المالكي والصدر ؟
يرى الكثير من المحللين والمتابعين للشأن العراقي خصوصاً اؤلئك الذين يتفقون أو يتقاربون مع رؤية السيد مقتدى الصدر ، إن المالكي يسعى إلى الهيمنة على المكون الشيعي من خلال تقويض التيار الصدري الذي يعتبر الخصم الأقوى في الساحة الشيعية ، ويرى المالكي وحلفائه ان الصدر يريد ان يجيِّر الشيعة وتياراتهم المختلفة إلى حركته اي يكونون نتاج لحركة ” آل الصدر ” .
ومما يزعج المالكي هو رفض التيار الصدري للتقارب مع بقية اطراف المكون ، وكذلك لتحالفه مع الكردستاني والعراقية في 2010 وكذلك مع الكردستاني و تقدم في انتخابات 2021 , المالكي يرى في خطوات الصدر هذه إضعاف للاجماع الشيعي، بينما يرى الصدر ان هذه الخطوة تعزز اللحمة الوطنية، وتردم الفجوة بين المكونات، المالكي من جهته يؤمن بردم الفجوة ولكن يريد ان يكون حق المكون الاكبر في مقدمة المطالب .
هذان الموقفان خلقا جواً من التوتر ، كما اجبرا المكون الشيعي ان يقدم تنازلات كبيرة للمكونات الاخرى.
فانفصال المالكي والصدر واختلافهما يؤدي إلى تفتت الموقف ، ولكي يحقق كل طرف مسعاه فسيكون مضطراً إلى التحالف مع اطراف اخرى لها مطالب. بما تكون صعبة ، كما حصل في كثير من المواقف والقرارات التي مررت بتسويات بين الكتل ، وسببها ضعف الجانب الشيعي ، وعدم قدرته على تمرير القوانين والتشريعات إلا من خلال التسويات والتنازلات .
فالشيعة مجتمعين لهم اكثر 180 نائب ، وهذا العدد سيمكنهم مع حلفائهم من الأقليات من تمرير كل القوانين ، وكذلك تشكيل الحكومة وتعين رئيس وزراء ورئيس جمهورية ورئيس مجلس نواب ، دون الحاجة إلى تحالفات اخرى ودون تقديم اي تنازلات .
وهذا ما أكدته الوقائع، حينما اجتمع اكثر من 183 نائب وأقروا قانون اخراج القوات الاجنبية من العراق ، الذي لم يشترك فيه الكرد والسنة .
بينما لم يستطيعوا ان يمرروا قانون الحشد على سبيل المثال ، لعدم اكتمال النصاب ، وعدم مشاركة التيار الصدري .
لذا يقول الكثير من السياسيين بمن فيهم المالكي ان عدم مشاركة الكتلة الصدرية في الحكومة . سيبقي الحكومة عرجاء ، فالخلل واضح في غياب الصدر عن المشهد السياسي ، كما سيكون الخلل واضح إذا ما غاب المالكي عن المشهد السياسي العراقي . فكلاهما يشكلان جناحان قويان ، فلا يمكن لطائر ان يطير بجناح واحد .
