المحامون ورسالة الإصلاح الأسري
: المحامي علي كامل رسول الطائي
المحاماة ليست مهنةً للارتزاق فحسب، بل هي رسالة إنسانية رفيعة، تتجاوز حدود الدفاع عن الحقوقلتسهم في بناء مجتمع أكثر استقراراً وعدلاً.
فالمحامي الحقيقي لا يكتفي بالمرافعة داخل قاعات المحاكم، بل يضطلع بدور إصلاحي عميق، يسعىمن خلاله إلى صون الأسرة وحماية روابطها، باعتبارها الركيزة الأولى في بناء المجتمع.
ومن أسمى مهام المحامي أن يعمل على تسوية الخلافات الزوجية ودياً، مقدّماً النصح الرشيد والإرشادالسليم الذي يحول دون انهيار الأسرة، ويحفظ كرامة الزوجين ومستقبل الأبناء، في إطار ما جاءت بهالشريعة الإسلامية من مقاصد سامية تقوم على العدل والرحمة.
فالصلح بين الزوجين من أعظم صور الصلح التي دعا إليها الإسلام، إذ تقوم الحياة الزوجية على المحبةوالمودة، فإذا اخترقها النزاع والشقاق كان الفراق مآلاً قريباً. وهنا يبرز دور المحامين والمصلحين وأهلالحكمة، في مدّ جسور الحوار، وإعادة الثقة المفقودة عبر الجلسات الهادئة والمصارحة المتبادلة، بمايحمي الأسرة من الانهيار، ويعزز استقرار المجتمع بأسره.
وقد حث الإسلام على الإصلاح قبل اللجوء إلى القضاء، إدراكاً لما في الصلح من أثر بالغ في إعادة الألفة. فجعل الحكمين من الأقارب الأقدر على أداء هذا الدور، لما لهم من معرفة بأسرار الخلاف وحرص علىصون السمعة. قال تعالى:
﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّاللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ [النساء: 35].
غير أن خطورة الأمر تكمن حين يتحوّل دور بعض المحامين إلى إذكاء الخلافات بدافع الكسب المادي أوتحقيق مكاسب شكلية، وهو مسلك يفضي إلى هدم بيوت وتشريد أطفال. فالطلاق وإن كان مباحاً شرعاً،إلا أن آثاره السلبية على الأبناء والمجتمع تحتم على المحامي أن يجعل الإصلاح هدفه الأول.
وعلى المحامي أن يصغي لموكله بتأنٍ، ليتفهم دوافع الخلاف، ثم يسعى لإيجاد حلول عادلة وودية، مذكّراًالزوج بواجباته في النفقة والإحسان والمعاشرة بالمعروف، والزوجة بحقوق زوجها عليها من طاعةبالمعروف وكلمة طيبة وحسن عشرة.
وبهذا يتحقق مقصود الشريعة في الرحمة والتراحم وصون البيوت.
وقبل الختام أوجه لزملاء المهنة بعض الأسطر..
أيها المحامون والمصلحون.. اجعلوا الإصلاح بين الزوجين غايتكم الأولى، وقدّموا مصلحة الأسرة على أيمصلحة أخرى. فالمحامي الحق ليس تاجراً في الخلافات، بل أمين على رسالة إنسانية عظيمة، يسعى بهاإلى حماية الأسرة – اللبنة الأساسية للمجتمع.
وقد صدق قول الله تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍلِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21].
وفي مناسبة الحديث أود ان اكتب عن تجربتي بدعاوى الاحوال الشخصية فيما يخص الطلاق ، فمنذ بدءحياتي العملية حاولت الابتعاد عن دعاوى الطلاق، لكن احيانا اضطر للتوكل فيها، وهناك من يعرف دوريفي الإصلاح الذي مارسته بين الزوجين لاعادة العلاقة بينهم والصلح يتم بعد جهود مضنية تستنزفساعات طويلة من الوقت في بيوتات اهاليهم لكن المهم ان هناك نتائج ايجابية، ولا اخفي ان هذا الأمريزعج عددا من الاخرين الذين لايعرفون ولايؤمنون بحقيقية دورهم الوجداني.
