بقلم: د. سهير عمارة
⸻
نحن لا نحتفل بـ 23 يوليو… بل نبكيها
في كل عام، يأتينا يوم 23 يوليو كغصّة في القلب.
أرادونا أن نحتفل بما سموه “ثورة”، لكننا صرنا نبكي على زمنٍ كانت فيه مصر سيدةً، لا خادمة، قائدةً لا تابعة، مرهوبة الجانب لا مكسورة الجناح.
في عهد الملك فاروق، لم تكن مصر دولة نامية، بل كانت دولة تنام وهي مديونة لها أوروبا.
⸻
فاروق… الملك الذي شوهوه لأنه كان عظيماً
هل تعلم أن الملك فاروق كان يكسو الكعبة على نفقته الخاصة؟
هل تعلم أن السفارات المصرية كانت تُمثل هيبة وقيمة لا يُستهان بها؟
هل تعلم أن الجنيه المصري كان يُعادل أكثر من ثلاثة دولارات أمريكية؟
فاروق لم يكن ملاكاً، لكنه كان حاكمًا يُدير دولة بمؤسسات، لا عصابة تدير وطنًا كغنيمة.
لم تكن ثورة… بل كانت بداية السقوط
كان لدينا دولة… واليوم لدينا نظام بلا روح
في عصر الملك فاروق:
• كانت المدارس تعلم لا تُمجّد.
• كانت المستشفيات تعالج، لا تُسعّر الألم.
• كانت الشرطة تحمي، لا تبتز.
• كانت الأرض تُزرع، لا تُباع.
• كانت الوزارات تعمل للشعب، لا لحسابات البنوك.
بينما اليوم، نرى بيع أراضٍ، خصخصة مؤسسات، فساد بلا حساب، وانهيار في كل منظومة.
⸻
من دولة تزرع وتُصدّر… إلى دولة تشتري القمح بالدولار!
مصر التي كانت تغذي نفسها وتُصدّر، أصبحت اليوم تستورد القمح والزيت والدواء والماء أحياناً.
مصر التي كانت تملك أكثر من 7 ملايين فدان زراعي، تحولت بفعل سياسات ما بعد 1952 إلى مجرّد سوق مستهلكة.
حتى النيل، الذي كان منبع الحياة، تم التنازل عن هيبته حتى استسلمنا للعطش القادم.
⸻
مكانة مصر كانت تُرعب… واليوم تُرثى
في عهد الملك فاروق، كانت الدول تحترم المواطن المصري لأنه من “أرض العزة”.
اليوم، يُهان المواطن على أبواب السفارات والمطارات.
فما الذي تغيّر؟
تغيّرت الدولة… من دولة عظمى إلى دولة تبحث عن القروض.
⸻
الملك وعائلته: من أعمال الخير إلى حملات التشويه
رغم النفي والملاحقات، استمرت مؤسسات خيرية أنشأتها الأسرة العلوية في العمل، لكن تم تحويلها لمجرد لافتات.
عائلة كانت توزع الثروات في صمت، اتهموها بالبذخ، فقط ليمحوا تاريخًا من العطاء لم يكن يُعجبهم.
⸻
لم تكن ثورة شعب… بل انقلاب على مصر الحقيقية
ما حدث في يوليو 1952، لم يكن ثورة شعب، بل كان انقلابًا على مشروع دولة.
تم إسقاط الملك، لكن الحقيقة أن من سقط فعليًا كان مجد مصر.
تم استبدال المؤسسات بالكذب، والحكم الوطني بالحكم الفردي، والرؤية القومية بالرؤية الأمنية.
⸻
رسالة للعالم… ولمن لا يزال يصدق الكذبة
يا من تطالبونا بالاحتفال بذكرى 23 يوليو…
لا نحتفل بها، بل نُرثيها.
هي ذكرى السقوط لا النهوض، الانحدار لا التقدم، التبعية لا السيادة.
ويا من زوّرتم التاريخ…
قد تستطيعون خداع بعض الناس بعض الوقت، لكنكم لن تستطيعوا طمس الحقيقة إلى الأبد.
⸻
في الختام: عودوا إلى مصر الملكية… لتعرفوا ما فقدنا
مصر لم تكن فقيرة… أنتم من أفقرها.
مصر لم تكن مديونة… أنتم من أغرقتموها في القروض.
مصر لم تكن تابعة… أنتم من سلمتم مفاتيحها.
الملك فاروق لم يُطرد لأنه فاسد، بل لأنه كان رمزًا لدولة قوية… وهذا ما كان يخيفهم.
⸻
كفى تزويرًا… وكفى تكرارًا لكذبة ماتت
حان الوقت لنعيد قراءة التاريخ بعيون صادقة، لا بأقلام مرتعشة.
فاروق لم يكن المشكلة… بل كان آخر ملوك مصر الحقيقية
️ بقلم: د. سهير عمارة
“لست أكتب لأجامل، بل لأُحيي ذاكرة وطن… خُدع، ثم انكسر، ثم استيقظ.
