5 بنوك اجنبية تسيطر على التعاملات النقدية  في العراق

5 بنوك اجنبية تسيطر على التعاملات النقدية في العراق

بغداد ـ محمد التميمي
في الوقت الذي يحقق فيه بعض المصارف الأجنبية أرباحا ضخمة، لا يزال النظام المصرفي العراقي في حالة يرثى لها، ويعجز عن منافستها أو تطبيق المعايير الدولية المطلوبة لفتح حسابات دولية لدى البنوك العالمية المراسلة، من أجل سحب زمام المبادرة من المصارف، التي تهيمن على الساحة العراقية بشكل اصبح يستنزف
الاقتصاد العراقي. ويقول مختصون، ان هذا العجز مرتبط بسياسات مالية غير محدثة، وفساد متجذر يعوق إحداث اي عملية اصلاح ناجعة وجادة، ونظام مصرفي لم يتجاوز بعد مرحلة التخلف المالي. ومنذ فرض الخزانة الأمريكية عقوبات على المصارف العراقية، تس ّيدت المصارف الأجنبية، الساحة المالية، حيث فرضت بنوك اردنية وأخرى مصرية تمتلك صلاحيات المراسلة مع البنوك الأجنبية سيطرتها على القطاع المصرفي العراقي. والبنك المراسل هو مؤسسة مالية خارجية تعمل كوسيط بين البنوك المحلية والدولية مهمتها العمل وكيلا للبنوك الأجنبية لإجراء المعاملات التجارية مع البنوك المحلية.
كيف تهيمن هذه المصارف؟
في هذا الصدد، قال الخبير المالي والمصرفي مصطفى حنتوش، إن هناك “مصارف أردنية وخليجية تعمل في العراق وتحول أرباحها الى دولها الام، وهذه مشكلة كبيرة؛ اذ يجب ان تكون منافسة مع المصارف العراقية

لعراقية . فما معنى أن تربح خمسة مصارف اكثر من مليار دولار، بينما النظام المصرفي العراقي عاطل. فهذا استنزاف للاقتصاد العراقي”، مطالبا البنك المركزي العراقي بـ”فتح حسابات مؤقتة لبعض المصارف
العراقية الخاصة، على ان يضمنهم البنك ذاته”. وأضاف قائلا: “في السابق كان البنك المركزي العراقي هو المصرف المراسل، وكانت طلبات التجار تؤخذ من قبل المصارف وتتم الحوالات عبر المركزي باعتباره مصرفا مراسلا، قبل أن تقوم أمريكا بإنشاء منصة “فتر” للتدقيق. والان تنوي واشنطن إغلاق تلك المنصة نهاية سنة 2024، الامر الذي يجعل المصارف الأجنبية المراسلة هي من يسيطر على هذه المهمة وليس المركزي، كونها
صاحبة حسابات مراسلة بالدولار”. وتابع حديثه لـ”طريق الشعب”، ان “أمريكا تدفع باتجاه اعتماد هذه السياسة وفتح حسابات لدى المصارف الدولية المراسلة، ولكن المعيار الذي يعتمده البنك المركزي العراقي camels قديم، ولا يأخذ جوانب عديدة مهمة مثل جذب القروض والودائع وغيرها. كما أنه لم يه ّيئ المصارف ليكون لديها مقاييس وعمليات مصرفية”.
ضعف النظام المصرفي
الخبير الاقتصادي همام الشماع، يقول ان “سبب هذا العجز يتعلق بضعف نظامنا المصرفي بشكل عام، فالمصارف الأجنبية مثلاً لديها بنوك مراسلة عالمية، وتسهل هذه الصلات قبول الحوالات، بينما المصارف العراقية لا تزال في حالة يرثى لها، ولم تخط باتجاه اقامة لاقات وفتح حسابات مع هذه المصارف الدولية”. ويضيف الشماع في حديث لـ”طريق الشعب”، ان هذه “المصارف اخذت حصة الاسد من الحوالات الخارجية والاعتمادات المستندية، ووصلت الى هدفها في الاستحواذ على اكبر كمية من الحوالات وتحقيق أرباح كبيرة جداً من خلال ذلك. بينما نرى أن البنوك العراقية
لا تهتم سوى بالتربح من خلال مزاد العملة”. ويجد ان “المصرف يفترض ان يعمل على منح القروض وجذب الودائع، وأن يتمتع بالنزاهة في العمل، وهذه من معايير المصارف الدولية للتعامل”، مبينا ان “بعضا من أسباب عدم فتح حسابات لدى هذه المصارف،
يتعلق بالفساد وعملياته”. ويواصل حديثه بالقول ان” المصارف الاجنبية الخمسة التي تعمل في العراق، تحقق نسبا عالية من الأرباح، وهي ليست اقل من 1-2 مليار دولار، والتي تذهب الى الخارج”. وعن إمكانية إيجاد حلول ومعالجات ناجعة يشير الى ان “معظم هذه المصارف العراقية تابعة لأحزاب سياسية، وبالتالي هناك انعدام للثقة فيها من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي”.
مصالح عابرة للحدود
الى ذلك، ارجع أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي، أسباب عدم قدرة الحكومة على مواجهة سيطرة البنوك الأجنبية على السياسة المالية والتحويلات الخارجية، إلى عدة أسباب رئيسة، من بينها التحديات الداخلية المتعلقة بإدارة الاقتصاد، والضغوط الإقليمية والدولية

وقال السعدي لـ”طريق الشعب”، إن “القطاع المصرفي في العراق يعاني من تأثير المصالح الاقتصادية الدولية الكبيرة، خصوصاً أن العديد من البنوك الأجنبية تهيمن على السوق العراقي من خلال شراكات ومصالح عابرة
للحدود”. وأضاف، أن “هذا يحد من قدرة الحكومة على فرض سياسات اقتصادية مستقلة، وهذه البنوك قد تكون مرتبطة بشبكة مصالح إقليمية ودولية، تضغط على الحكومة عبر قنوات متعددة، ما يجعل اتخاذ قرارات جذرية أمراً صعباً”. وأكمل، أن “هناك عوامل إقليمية ضاغطة، حيث أن القوى الدولية والإقليمية مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية تمارس نفوذاً سياسياً واقتصادياً في العراق، بما في ذلك على القطاع المصرفي، وهو ما يعرقل قدرة على إحداث إصلاحات جذرية، بالإضافة إلى ذلك، فان الاقتصاد العراقي هش، ويعتمد بشكل كبير على الدعم الخارجي وعلى أسعار النفط، ما يزيد من تأثير هذه الضغوط الخارجية على صنع القرار المالي”. ولفت أستاذ الاقتصاد الدولي الى ان “جميع الحكومات المتعاقبة على حكم العراق متورطة في هذه التحديات، وهي السبب الرئيس في ضعف السياسات المالية والإدارية، والفساد المنتشر في النظام المصرفي، كل ذلك يعزز من هذه الظاهرة”، مستدركا بالقول ان “الأمر يتطلب تنسيقاً أوسع وجهداً جماعياً بين جميع الجهات المعنية لمحاولة تقليل التأثيرات السلبية للبنوك الأجنبية على الاقتصاد العراقي”

عن جريدة طريق الشعب العراقية

(Visited 12 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *