الصدر…. الذي عرفته  علاء الصدر…. الذي عرفته  علاء الخطيب

الصدر…. الذي عرفته علاء الصدر…. الذي عرفته علاء الخطيب

علاء الخطيب 

كان الانتماء للصدر يعني الموت، و الانتساب لمدرسته يعني أنك تصدر عليك وعلى عائلتك حكماًبالاعدام, ومع كل هذا كان البعض  مستعداً للتضحية، إنهم فتية ٌ آمنوا بالصدر، لأنه أول من كان مستعداًان يضحيِّ من  أجل وطنه و قيَّمه، فكان أدنى من مريديه معيشةً وأكثرهم بساطةً, لم يكن الإنتسابللصدر يمنحهم المناصب ولا  الجاه و المال، بل على العكس من ذلك.

كان الشباب يتسابقون للمنية دون قائدهم ، وكم رأيت بأم عيني وانا شاب بمقتبل العمر شباباً يقفونأمام داره في النجف ورجال الأمن يحيطون ببيته، ومريدوه يهتفون بأسمه في زمن تخلى فيه الاخوالصديق ، وخشيَّ البعض ان يمر على باب داره.

وقد شهدت حادثة بنفسي سأرويها للتاريخ .

كان هناك خبازاً  مجاوراً لبيت الشهيد آلصدر اسمه ” ياسين الجزائري “  كان رجلاً شهماً غيوراً  شجاعاً ، وكان رجال الامن يجلسون على حائط المخبز والى جانب باب بيت الصدر ، كان ياسين يتألم ، لكنه لا يستطيع الكلام ، وفي الوقت ذاته كان يتمنى ان تسنح له  فرصة للانتقام من رجال الامن المراقبين لمنزل الشهيد، وذات يوم مرت فتاتان من المنطقة ، فقاما رجال الامن بالتحرش بالفتانين ، حينها انتفض ياسين ووجد ان الفرصة قد جائت له ، فخرج لهم وكان قوي البنية ، فنهال عليك بالضرب ونقلوا على اثرها للمستشفى وكانت حالة احدهم خطيرة ، فالقي القبض على ياسين واعدم رحمه الله . لم يكن انتفاضة” ياسين ” للفتاتين فقط وانما كانت ذريعة، وقد روى لي اخوه بانه كان يقول قبل اعتقاله ” السيد محاصر ونحن ننظر ” يعني ليس من المعقول ان نبقى صامتين ازاء الظلم ، رغم ان ياسين لم يكن من اتباع السيد الشهيد ، ولكنه تأثر بموقفه ازاء الوطن .

وتزداد الأيام قتامةً وحلكةً ويستوحش الكثيرون طريق الحق  ويقل سالكوه ، إلا ثلة قليلة ممن  آمنوابقيم الرجل ومبادئه، لم تدفعهم المصلحة الشخصية، بل كانوا يحملون رسالةً وقضيةً ، وما دامالانسان يحمل قضيته هماً، فلا يبالي إن وقع على الموت أو وقع الموت عليه,وهل هناك قضية أعظم منالانسان  والوطن.                                                                         

كان الرجل يحلم بعراق ينعم به الجميع بالمساوات والحرية وكان يعتقد بأن وطنه يحتاج الى فدائيينوقرابين، فكان هو أول تلك القرابين. لم يفكر بمصلحته الشخصية حينما عرض عليه صدام بأن يجعلهالمرجع الشيعي الأول ويمنحه ما يشاء من المال والجاه،  فكان جوابه «لو كان إصبعي بعثياً لقطعت» ، لم يطلب منه النظام سوى الظهور مجرد الطهور ، لمدة ربع ساعة في التلفزيون الرسمي دون أن يمدح أويذم  لكنه رفض.

فضل ان يسكن مقبرةً ، رغم العروض السخية التي قدمت له بشراء سكن يليق بشخصيةِ مرجعٍ دينيٍ كبير.

سار على خطى ديوجين الفيلسوف اليوناني  الذي عاش في برميل رافضاً العالم من اجل سعادة الآخرين، عرض عليه الإسكندر  المقدوني ان يحقق له ما يطلب

فقال : أطلب منك شيئاً واحداً

    إنك الآن تقف أمامي وتحجب عني أشعة الشمس..

لذا لا تحرمني من الشيء الوحيد الذي لا تستطيع منحي إياه

لا تحجب شمسي بظلك!

فَهمَ الصدر وديوجين العالم بطريقة مختلفة  وفهما  السعادة هي الوضوح والنزاهة لذا رفضا ارتداءثوب الذل والعار، كم هو الفارق بينهم وبين اتباعهم ؟ .                                       

بقيَّ يردد ويسمعنا قولهياأبناء وطنَ آبائي وأجدادي,  ياأخي وولدي الشيعي وياأخي وولدي السني أنامعك مادمت أنت مع الإسلام” . و الإسلام عند الشهيد الصدر يعني السلام والإطمئنان والحرية ويعنيالوطن يعني العراق.     

لقد باح الرجل بحبه لأرضه وشعبه وقدم نفسه من أجل أبناء وطنه , ولعل خطابه الأخير هوالدليلالاوضح لحبه للعراق فيقول: يا أخوتي وأبنائي من أبناء الموصل والبصرة، من أبناء بغداد وكربلاءوالنجف، من أبناء سامّراء والكاظميّة، من أبناء العمارة والكوت والسليمانيّة؟ من أبناء العراق في كلمكان، إني أعاهدكم بأني لكم جميعا، ومن أجلكم جميعا، وأنكم جميعا هدفي في الحاضر والمستقبل.

هذه هي أحلام الرجل بالامس أرادها أن تتحقق اليوم ، ولكن بين الأمس واليوم فارق ٌ كبير وزمن بعيد, فللأمس رجال ولليوم رجالٌ آخرين, فالعراق اليوم ليس كما هو بالامس.                         

وليست المعادلة هي ذاتها , فالصدر حاضر في الموت وغائبُ في الحياة هذه هي المعادلة الجديدة

(Visited 76 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *