البرلمان الايراني يفتح ابوابه  للمحافظين دون معوقات

البرلمان الايراني يفتح ابوابه للمحافظين دون معوقات

المستقل / وكالات

بايداريها” أو الثابتون ” هي الجبهة الأقدم بين كل هذه التشكيلات، لجهة أن أول ظهور لها على حالة من الاطمئنان والثقة تسيطر على المعسكر المحافظ عشية الانتخابات البرلمانية في دورتها الـ12 من عمر النظام، بخاصة بعد أن مهد مجلس صيانة الدستور الطريق أمام فرقاء هذا المعسكر لخوض انتخابات لا تحمل أي مؤشرات إلى خطر محتمل من القوى المعارضة، نتيجة إجراءات التصفية والاستبعاد التي قامت به لجنة دراسة أهلية المرشحين وصلاحياتهم الدستورية والقانونية في المشاركة من عدمها.

هذا الاسترخاء الذي يعيشه هذا المعسكر على الصعيد العام لا يعني غياب الصراعات بين أقطابه التي يسعى كل منها للاستئثار بالحصة الكبرى والنصيب الأوفر في السلطة التشريعية، وما تحولت له من صراع على المصالح والنفوذ والمكاسب.

لا شك أن دوائر الدولة العميقة والجهات العليا المقررة، وإن كانت تنظر إلى هذه الصراعات باعتبارها مؤشراً إلى حيوية العملية الانتخابية وتلبي البعد التنافسي في الجانب الديمقراطي الذي لا يتعارض أو يخالف الأطر العامة لرؤية واستراتيجية النظام والسلطة، إلا أنها، في المقابل، لم تستطع فرض إرادتها في دفع هذه القوى والأقطاب بالتوصل إلى نقطة وسط تساعد على توحيد صفوفهم في لوائح موحدة توفر على النظام كثيراً من العناء في الوصول أو الإعلان عن النتيجة التي يريدها أو يرغب بها.

ومن غير المستبعد أن تكون هذه الصراعات والمعارك التنافسية بين أقطاب وأطراف المعسكر المحافظ مطلباً أو رغبة من قبل منظومة السلطة، وهي كذلك، وتهدف إلى إضفاء شرعية تنافسية بين قوى تتصارع للوصول إلى الندوة البرلمانية والإمساك بالسلطة التشريعية، وتكون تعويضاً عن أو اختراع معارضة، مضبوطة وملتزمة الأسقف التي تخدم مشروع المنظومة، ويسوقها كبديل عن القوى والأحزاب الإصلاحية والمعتدلة والوسطية أمام الجمهور.

ويمكن القول إن المشهد الانتخابي داخل المعسكر المحافظ قد استقر على مجموعة من التحالفات والتجمعات الكبيرة يضم كل منها شخصيات أساسية وفاعلة في المسرح السياسي المحافظ، إضافة إلى عدد من الأحزاب المحافظة الصغيرة، موزعة على أربعة ائتلافات رئيسة إلى جانب تجمعات ناشئة أخرى لم ترق إلى مستوى الائتلاف واسع، وهذه الائتلافات تشمل.

– تجمع “ائتلاف قوى الثورة”، واختصاره (شوراي ائتلاف نيروهاي انقلاب)، واختصاره “شانا”.

– جبهة “الثابتون” “بايداري”.

– “الشبكة الاستراتيجية للثورة الإسلامية” (شبكه راهبردي انقلاب إسلامي)، واختصارها “شريان”.

– تجمع “الوحدة” (شوراي وحدت).

– تجمع “صحوة قوى الثورة” (مجمع بيداري نيروهاي انقلاب) واختصاره “مبنا”.

ويمكن إضافة تجمع صغير هامشي يعيش على أطراف القوى الأكثر تشدداً، هو تيار “العدالة” “عدالتخواهان”.

وفي توصيف كل جماعة من هذه التشكيلات يمكن القول إن جبهة “الثابتون” بدأت ساحة العمل السياسي خلال تولي محمود أحمدي نجاد، في أواخر دورته الأولى في رئاسة الجمهورية (2005 – 2009)، وكان الهدف من إنشائها محاولة استقطاب وتجميع القوى الشعبية المؤيدة لأحمدي نجاد وتتبنى توجهاته العقائدية والسياسية الشعبوية التي تمحورت حول استهداف منظم لأحد أقطاب النظام هاشمي رفسنجاني. وتأطير هذا التأييد والقاعدة في سياق مشروع سياسي وعقائدي يرفع شعار التطهرية الثورية والدينية، وترويج الفكرة المهدوية باعتبار أن حكومة أحمدي نجاد لم تكن تابعة للنظام والمرشد، وإنما تعمل تحت رعاية الإمام الـ12 الغائب في المذهب الشيعي الإثنا عشري “الإمام المهدي”، وتدين بالولاء له، وصولاً إلى ترويج فكرة “المدرسة الإيرانية في المذهب الشيعي”.

ويمكن القول إن هذه الجبهة تعد وريثة للتشكل الذي أنشأه وزير الطرق والإسكان الحالي مهرداد بذرباش عندما كان يشغل منصب نائب أحمدي نجاد لشؤون الشباب باسم “رائحة الخدمة الحسنة (رايحه خوش خدمت)، والتي استطاعت المنافسة بقوة في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2008، واستطاعت أن تفرض نفسها شريكة في السلطة التشريعية بحصولها على حصة ثلث المقاعد الـ30 المخصصة للعاصمة طهران، إلا أن خروج بذرباش من الحكومة بعد أحداث عام 2009، والإشكاليات التي رافقت إعادة انتخاب أحمدي نجاد حينها، أدت إلى تراجع حضور هذا التشكيل، ليخرج منه آخر جديد حمل اسم جبهة “الثابتون” (بايداريها).

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن كلا التشكيلين، “الخدمة الحسنة” و”الثابتون”، كان يعد رجل الدين المتشدد محمد تقي مصباح يزدي مرجعيته الفكرية والدينية والسياسية، بخاصة لجهة عدم إيمانه بالعملية الديمقراطية، وأن وظيفة صندوق الاقتراع مهمته الكشف عن الأشخاص المؤيدين من الغيب أو الذين اختارهم الغيب، وليس من مهمة هذا الصندوق اختيارهم أو انتخابهم، وهذه القراءة أو الرؤية شكلت الخلفية التي تعمل عليها أجهزة النظام، وما تمارسه في حق المعارضين، وفي تقرير السماح له بالدخول إلى السباق الانتخابي بكل مستوياته باعتبارها “مسددة من الغيب”.

وتولى منصب أول أمين عام لهذه الجبهة، المرشد الأخلاقي لأحمدي نجاد الشيخ علي آقا الطهراني، الذي عمل على تعزيز الأفكار المهدوية والغيبية والتنظير لها برعاية ومواكبة من فريق أحمدي نجاد.

وعلى رغم كل جهود الدعم التي حظيت بها هذه الجبهة، وتسخير كل إمكانات الدولة وأجهزتها لخدمة أهدافها، فإنها لم تستطع التحول إلى ظاهرة شعبية كاسحة داخل القاعدة والجسم الشعبي للمحافظين، واقتصر نفوذها على بعض الهيئات المذهبية الدينية والمساجد. إلا أنها، وفي حالة نادرة، استطاعت النفوذ إلى داخل أجهزة الدولة والنظام، وفرضت نفسها شريكة في السلطة، بخاصة في ظل رئاسة الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، عندما لعبت دوراً أساساً ومحورياً في معركته وحملته الانتخابية، سواء التي خاضها ضد حسن روحاني، عام 2017، أو في معركة رئاسته الحالية عام 2021، وحصلت على شراكة في حكومته وكثير من وظائف الدرجة الأولى في الدولة.

(Visited 7 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *