المستقل / وكالات
الويب المظلم أو العميق، هو مجموع المواقع الإلكترونية كافة التي يتعذر الوصول إليها عبر متصفحعادي ولا تتم فهرستها بواسطة محركات البحث مثل غوغل. يمكن الوصول إلى هذه الزاوية المخفية منالإنترنت من خلال خدمات خاصة مثل متصفح (TOR- تو) الذي يستعمله العديد من مستخدميالإنترنت كأفضل طريقة للبقاء على هوية الشخص المتصفح ومكانه مجهولين.
و“تور” هي اختصار لـ“The Onion Router”، حيث تشبه طبقات التشفير العديدة التي تحرسالمعلومات التي تمر عبره، “طبقات البصل“. يعيش Tor على هامش الإنترنت ويعمل كتقنية أساسيةللويب المظلم. بالإضافة إلى توفير الخصوصية القصوى والحماية من مراقبة الأنظمة المستبدةوالاضطهاد، ففي المجتمعات الأكثر حرية يستخدم كأداة للإبلاغ عن المخالفات والاتصال لحماية الناسمن الانتقام أو إصدار الأحكام في مكان العمل أو المجتمع.
ويحتفظ العديد من المنظمات بموقع ويب مخفي على “تور“، بما في ذلك كل الصحف الرئيسة الأميركيةتقريباً و“فيسبوك“، وحتى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ذلك لأن النظام يوضح التزاماًبالخصوصية. وبحسب باحثين أميركيين، تأمل كل من صحيفة “نيويورك تايمز” و“سي آي إيه“،على سبيلالمثال، في تسهيل التواصل مع الجهات الافتراضية التي يمكنها تقديم معلومات حساسة.
سوق مفتوحة للمجرمين
لكن ذلك العالم الخفي تحول إلى سوق سرية متنامية يستخدمها المجرمون المتطورون لتهريبالمخدرات والمواد الإباحية للأطفال والأسلحة وبطاقات الائتمان المسروقة وجوازات السفر وبطاقاتالهوية والبيانات المخترقة وغيرها من المنتجات والخدمات غير المشروعة، فضلاً عن أنه أصبح ملاذاًآمناً للجماعات الإرهابية التي تروج للخطابات المتطرفة. فقد عزز تلك الأنشطة التعامل من خلال عملاتمشفرة لا يمكن تعقبها كوسيلة أساسية للدفع.
وبحسب مقال بحثي منشور على موقع صندوق النقد الدولي في سبتمبر (أيلول) 2019، فإن اقترانخدمات الويب المظلمة بالعملات المشفرة أدى إلى توقعات بزيادة الجريمة. فقبل عقد من الزمان، طورخبير تشفير غير معروف (يتمتع بخبرة خاصة في اختراق كلمات المرور)، الذي استخدم الاسم المستعارساتوشي ناكاموتو، أول عملة وشبكة دفع في العالم لا تتحكم فيها حكومة وطنية تسمى“بيتكوينBitcoin”، وكانت في الأصل وسيلة تبادل متخصصة لمجتمع التكنولوجيا، وظهرت عام 2011 كعملةمفضلة لتجار مخدرات يجرون معاملات على موقع ويب مظلم يُعرف باسم “طريق الحرير“.
وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، أدى الربط بين شبكة مشفرة مخفية عن معظم أنحاء العالموعملة إلكترونية لا يمكن تعقبها تقريباً من قبل مسؤولي إنفاذ القانون، إلى نشوء سوق صغيرة، ولكنمهمة للبائعين غير الشرعيين الذين يبيعون سلعاً غير قانونية.
بيتكوين
وقال أديتي كومار وإريك روزينباتش، مسؤولا مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية في جامعة هارفاردبالولايات المتحدة، إن من بين ما يقرب من 200 نطاق تم تصنيفها على أنها غير قانونية، يبدو أن أكثر من75 في المئة منها عبارة عن أسواق. يتم دعم العديد من هذه المعاملات بواسطة بيتكوين والعملاتالمشفرة الأخرى، مثل مونيرو. ويشيران إلى أن الأدوية الترفيهية والصيدلانية هي أكثر المنتجات شيوعاً،تليها المستندات المسروقة والمزيفة مثل الهويات وبطاقات الائتمان وبيانات الاعتماد المصرفية، كماتقدم بعض المواقع خدمات القرصنة والجرائم التكنولوجية، بما في ذلك البرامج الضارة والقرصنة.
وبالرغم من الطبيعة الخطرة والنمو السريع
لمعاملات غير المشروعة على شبكة الإنترنت المظلمة حيث يجب أن تهم الحكومات والمؤسساتالمالية العالمية بمكافحتها، فإن الجزء الإجمالي من المعاملات التجارية العالمية على شبكة الويبالمظلمة ضئيل جداً مقارنة بالتجارة العالمية غير المشروعة.
وأظهر تقرير حديث صادر، في مايو (أيار) 2020، عن منصة تحليل العملات المشفرة لشركة بيتفوري، أنهفي الربع الأول لعام 2019، حقق البائعون على الشبكة المظلمة 240 مليون دولار من بيتكوين مقارنةبـ87 مليون دولار في الربع الأول عام 2017. وواصل هذا الرقم صعوده ليبلغ 384 مليون دولار في عام2020.
وفي تحليل سابق لشركة تشين أنليسيز، الرائدة في تحليل مدفوعات التشفير، فإن معاملات بيتكوين علىالويب المظلم نمت من نحو 250 مليون دولار في عام 2012 إلى 872 مليوناً في عام 2018. وتوقعتالشركة أن تصل معاملات “بيتكوين” على الويب المظلم إلى أكثر من مليار دولار في إجمالي عام 2019،وهو مستوى قياسي للمعاملات غير القانونية في هذا المجال. وعلى نطاق أوسع، تقدر الأمم المتحدة أنكمية الأموال التي يتم غسلها على مستوى العالم في عام واحد تتراوح من 2 إلى 5 في المئة من الناتجالمحلي الإجمالي العالمي؛ ما بين 1.6 و4 تريليونات دولار.
وعلى الرغم من أن الحجم الاقتصادي الإجمالي للنشاط غير المشروع على الويب المظلم لا يزال صغيراًنسبياً، فإن العديد من التهديدات الأكثر جدية للمجتمعات اليوم يعمل في ظلال شبكة “تور“، وبالتاليتستحق اهتمام المنظمين الدوليين والمؤسسات المالية ووكالات إنفاذ القانون.