« أمريكا عادت.. » من أين ولمن؟

« أمريكا عادت.. » من أين ولمن؟

«أمريكا عادت » بهاتين الكلمتين لخص وزير الخارجية
الامريكي بلنكين ملامح السياسة الامريكية الجديدة بعد
حقبة من التخبط والانقاب على القيم الامريكية داخلياً
وخارجياً في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، مثلما
أكد الرئيس بايدن على استعادة دفة القيادة العالمية.
ففي يومه الاول وقع 39 مرسوماً يلغي فيه كثير من
مخلفات سلفه ، وبهذا بعث برسالة مفادها ان السياسة
الامريكية رجعت الى مسارها السابق الذي اختطته منذ
نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى العام 2016 .
واراد الرئيس الجديد ان يقول ان امريكا عظيمة ليست
بالبلطجة والتهديد بل هي عظيمة بقيمها ومبادئها
وسياستها، «وشعار أمريكا اولا أو لنجعل امريكا عظيمة
مرة اخرى » الذي رفعه ترامب يأتي من خال الدور
الذي تلعبه مع حلفائها، فالتوتر الذي رافق سياسة
ترامب مع الاتحاد الاوربي و أعتبارالصين وروسيا
عدوين اساسيين طبقاً لوثيقة وزارة الدفاع التي
اصدرها في العام 2018 .
والتغاضي عن ملفات حقوق الانسان في الشرق الاوسط,
ومحاباة بعض الدول والانسحاب من الاتفاق النووي
1+5 كلها كانت سياسات غير مدروسة في نظر بايدن.
لكن ما يدعو للتساؤل امام هذه الخطوات والتصريحات
من الادارة الامريكية هل فعاً ستتغير السياسة الامريكة
أم انها لعبة تبادل الادوار بين الادارات الجمهورية
والديمقراطية . ولو اعتقدنا بصحة ما يقوله الرئيس
بايدن ووزير خارجيته هنل سيتمكن من ارجاع القاطرة
الامريكية الى سكتها السابقة في ظل المتغيرات العالمية
الجيدة.
من خال الدراسة والمتابعة للشأن الامريكي يبدو ان
الرئيس السابق ترامب لم يذهب بعيداً ، ولم يخرق القيم
الامريكية ، بل كان واقعياً لا يزوق الافعال ولا الكلام.
فسياسة العولمة التي تبنتها ادارة اوباما أتت على
الاقتصاد الامريكي اولاً ، فقد هاجرت رؤوس الاموال
والمصانع الى الصين وجنوب شرق اسيا لرخص اليد
العاملة وللتحلص والافات من الضرائب الباهضة. مما أثر
بشكل كبيرعلى نسبة البطالة وتفاقم الوضع الاقتصادي
، مما دفع ترامب الى فرض عقوبات على الصين ورفع
حدة التصريحات ضدها .
فحسب احصائية غرقة التجارة الامريكية في شنغهاي
فهناك اكثر من 200 شركة امريكية تتخذ من الصين
مقراً لها ، مثل شركة ابل ، ويستنغهاوس وبوينغ وتسا
وغيرها الكثير . وهذا الشركات العملاقة تشغل مئات
الالاف من الايدي العاملة .
فهل يتمكن الرئيس بايدن من اقناع هذه الشركات
بالعودة الى امريكا وتحسين سوق فرص العمل او
سيفرض عليها رسوم وقيود تجعلها تخضع ، كما فعل
سلفه ترامب وفشل.
ومما يؤكد عدم تغيير السياسة الامريكة بشكل كلي، بل
وعدم قدرة امريكا العودة الى ما قبل مرحلة ترامب هو
ما يقوله الرئيس بايدن الذي تحدث في مقابلة تلفزيونية
مع «قناة سي بي اس » عن العلاقة مع الصين . إذ قال
ستتخذ علاقتنا مع الصين شكل منافسة قصوى، و
إن نظيره الصيني “قاس جداً” وإنه “ليست هناك ذرة
من الديموقراطية في شخصه. ولا أقول ذلك من باب
الإنتقاد، إنها الحقيقة فقط”. وفقاً لتقارير اعلامية،
شكل الرئيس الأميركي فريقاً معنياً بملف الصين حين
زار البنتاغون، وكلفه بمراجعة المقاربة العسكرية للمخاطر
التي تُمثّلها. وفي أول محادثة هاتفية مع الرئيس
الصيني، شي جين بينغ، تناول الأوضاع في هونغ كونغ
وشيانجنغ وتايوان، ما استدعى رداً حازماً من نظيره الذي
رفض ذلك معتبراً أنه تدخل في شؤون باده الداخلية
الامر الاخر الذي سيقف حائاً بوجه الرئيس بايدن
هو الجائحة التي تتفشى في العالم ، ومازالت تقوض
حركة الاقتصاد العالمي وتحمله الاثقال الكبيرة ، من
خال توقف السياحة والمعامل وسلاسل الانتاج ، والتي
يتوقع لها المراقبون الاقتصادون مدة 5 سنوات للتعافي
والعودة الى السابق.
السبب الثالث هو توتر العلاقة مع روسيا ، رغم تمديد
معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية ستارت 3 ، إلا
ان التوتر بدا واضحأ وظهر في قضية المعارض الروسي
الكسي نافالني الذي اعتقلته روسيا بعد عودته وثورة
امريكا الكبرى لذها الحدث . ”.
اما ما يخص الملف النووي الايراني فقد كان اعان امريكا
والاوربين الموافقة على العودة هو من باب تحطيم
المحور الذي يبدو انه يتشكل بين روسيا والصين وايران
وتركيا وكوريا الشمالية التي ربما تلحقهم ، وعندة ذاك
سيكون من الصعب ان تتمكن الولايات المتحدة من
المواجهة وربما سينجر العالم الى الحرب النووية .
ان الحقيقة الثابتة في السياسة هي المصالح وليست
القيم والمبادئ التي تحدث عنها الرئيس بايدن ووزير
خارجيته السيد بلنكين , واستعادة الدور الامريكي الذ
عناه الرئيس هو مواجهة المنافسين الجيو سياسيين.
واستعادة الدور الامريكي هو اعادة الاحادية القطبية في
قيادة العالم. فامريكا صانعة الحرب والسام والاستقرار
وليست غيرها، كما تقول روسيا والصين ان زمن تعدد
الاقطاب هو من يحكم العالم . وان التعددية القطبية
هي المعادلة الاكثر استقراراً وعدالة و أمناً .
فهل تستطيع ادارة الرئيس بايدن حقاً استعادة هذا
الدور؟

(Visited 4 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *