كلمة ونص:
بقلم : ظافر جلود
تشهد أيام بغداد مطلع العام المقبل مهرجان المسرح العربي الذي تقيمه الهيئة العربية للمسرح، وبغدادوالتي كانت قد اغنت التجربة وخلقت حراكا مسرحيا عربيا ينحو باتجاه الخلق والابداع ، فقد قررت الهيئةالعربية للمسرح وبتوجيه من سلطان الثقافة وعاشق المسرح رئيسها الأعلى صاحب السمو الشيخ الدكتورسلطان ان تكون بغداد هذه المرة حضنا للمسرحيين العرب .
وبهذه المناسبة أصدرت الهيئة العربية كتاب كان قد كتبه الراحل الكبير قاسم بعنوان ” دائرة التمثيلالبغدادية، الكتاب دراسة غنية في قراءة لتجربة الراحل المسرحي العراقي قاسم محمد الذي كتب تفاصليهابعناية وقد قام باعداها الباحث والناقد المسرحي السوداني الدكتور يوسف عيدابي ومشاركة الفنانة خالدةمجيد وهي زوجة الراحل قاسم محمد ، أحد أبرز الفاعلين في المسرح العربي فتجد أفكاره ورؤاه وتنظيراتهطريقها الى المعنيين بالمسرح .
هذا الكتاب وكما جاء في كلمة الناشر (الهيئة العربية للمسرح) أنه يمثل اهتمام كبيرا بتوسيع دائرة نشرمفاهيم نظرية من عالمنا لمسرحيين اجتهدوا في صياغة مفاهيم وأساليب من خبرة واقعنا ، عملياتيةوتطبيقية، بل ويمكن أن نصل بها الى طريقة ومنهج (محلي) في الحيز المسرحي العربي مستفيدين بالطبعمن الآخر الذي أفلح في صب قوالبه في مجتمعه وبلغته ، طمعاً في أن نجد أيضاً نحن لغتنا الخاصة بنا فيالتمثيل والإخراج والكتابة والسينوغرافيا والتقنيات ذات الخصوصية البيئية التراثية”.
والان وفي المكتبات تجد بين أيدينا اجتهاد المسرحي العراقي قاسم محمد الذي كرس بحوثه في شأن الأداء،منطلقاً من التجريبية الشعبية حاملا معه تراث المدرسة الروسية في النظرية والمفاهيم الأساسية والطرائق،وهو يحث السير للتوصل الى دائرة التمثيل البغدادية – العربية. إنه بحث للعقل فيه نصيب وافر وكبيرللتأمل والمراجعة والتطبيق فيه سبل لابد أن تصل بنا الى دربة وتمكين وتعزيز للأداء والتعبير المختلفالمخصوص والخاص بنا نحن لا الآخر”.
الكتاب الذي جاء في مائة وأربعين صفحة من القطع الكبير احتوى على صور نادرة ومهمة وثقت لمسيرةقاسم محمد داخل وخارج العراق، مع نشر سيرته الذاتية الباذخة بالثراء الإبداعي ، ركز على (توصيفمفهوم الإنسان الممثل وادائه المتجدد) بالتعبير عن الأمل لنا، نحن أهل المسرح العرب ، الذي ” يكمن فيتغيير نوعية اشتغالات التأهيل والإعداد والتدريب ، والذي يوفر الشغل على السعي لخلق ذلك اليوم الذيسيلتقي فيه المبدع الحالم ، كما يرى مؤلفه ، الذي ناقش في بحثه المتفرد النابع من تراكمية تجاربه تأليفاًوإخراجاً وتمثيلاً ودراساته وبحوثه وكتاباته (الإنسان الممثل) ، منطلقاً من تباين تجربته الذاتية وحيثياتحياته وتلويناته في أدق التفاصيل الأدائية ومضمراتها.
كما صدر أيضا كتاب : التجريبية الشعبية ،، الدراماتوج وسؤال التراث فالمكتبة العربية المسرحية غنيةبمفاهيم المسرح عبر العديد من الكتب التي تناولت وبحثت بهذا الاتجاه ومنها كتاب في مجال الدراساتالنقدية “التجريبية الشعبية– الدراماتوج وسؤال التراث ” من اصدار دائرة الثقافة في الشارقة، وفي هذاالكتاب ينتزع مؤلفه قاسم محمد من التراث تفاصيل عدة ومتضاربة منها السارة ومنها المؤلمة وحتى المدانةفهو يؤمن بأن المسرح في رصده الحالات السلبية كغاية انتقادية لغرض الوصول إلى موقف يعري من خلالهالظواهر والسلوكيات السلبية في حياة الفرد والمجتمع، ويتضح ذلك جلياً في مشاهد كثيرة من مسرحية(بغداد الازل بين الجدل والهزل، وكان ياما كمان ، والنخلة والجيران ).
وهنا يعتمد (قاسم محمد) المادة التراثية النابعة من عنصر شعبي ومن روح شعبية أصيلة – محتوية علىحكمة شعبية عميقة ونقد شعبي مصيب وسخرية شعبية. فالمناظرات والمطاردات الشعرية والنثرية ومجملالسلوكيات الشخصية المتميزة والبارزة لبعض الشخصيات التاريخية المعروفة فضلاً عن الطرائف والحكموالحكايات المختلفة الواقعية منها او المؤلفة.. وكل هذا يكون عند (قاسم محمد) شكلاً مسرحياً قابلاً لأن يكونمادة درامية لعروض مسرحية شعبية الاتجاه، ذلك ان التراث وان لم يتضمن نصوصاً مسرحية بالمعنىالعلمي الدقيق إلا انه غني بالمواقف والصور الأديبة التي يمكن البحث في صلاحيتها للمسرح والدراما.